دعم بلا أثر..الدولة الاجتماعية بين الخطاب الرسمي والواقع المعيشي القاسي

نجوى القاسمي

رغم التصريحات المتكررة للحكومة المغربية بشأن تعبئة مئات المليارات من الدراهم لدعم الأسعار وإنعاش القطاعات الاجتماعية، لا يزال المواطن المغربي يتساءل: أين تذهب كل هذه الأموال؟

في آخر خرجة إعلامية   يوم  الخميس  29 ماي الجاري ، أكد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن الحكومة الحالية انكبت على إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، مشيرا إلى أن المعطيات المتعلقة بالمستفيدين من الدعم المباشر والتغطية الصحية صحيحة ودقيقة. كما أشار إلى تخصيص 105 مليارات درهم لدعم أسعار المواد الأساسية، و15 مليار درهم لمواجهة البطالة، إلى جانب عشرات المليارات المخصصة للحوار الاجتماعي ودعم القطاع الفلاحي.

لكن التقارير الرسمية المستقلة، وعلى رأسها تقارير المندوبية السامية للتخطيط، ترسم صورة مغايرة تماما.

بطالة تتحدى المليارات

إذا كانت الحكومة قد خصصت 15 مليار درهم لمواجهة البطالة، فلماذا تسجل معدلات البطالة ارتفاعا مستمر آخر إحصائيات المندوبية تشير إلى أن معدل البطالة لا يزال فوق 13% وطنيا، متجاوزا 20% في بعض الجهات، مع نسب مرعبة في صفوف الشباب وحاملي الشهادات.

دعم المواد الأساسية..أسعار لا تطاق

تقول  الحكومة أنها دعمت أسعار المواد الأساسية بمبلغ يفوق 100 مليار درهم منذ 2022، لكن المواطن المغربي، البسيط ، لا يلمس ذلك في الأسواق. زيت المائدة، الطحين، القطاني، الحليب… كلها مواد ارتفعت أسعارها بشكل غير مسبوق، وبات اقتناؤها دفعة واحدة مهمة شبه مستحيلة لعدد كبير من الأسر.

حتى الدعم الموجه للمهنيين لا يبدو أنه نجح في التخفيف من حدة الأسعار أو كلفة المعيشة، ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول فعالية آليات الدعم والتتبع والرقابة.

الفلاح الصغير خارج حسابات الدولة الاجتماعية

أما في القطاع الفلاحي، فرغم حديث الحكومة عن دعم ضخم لمواجهة الجفاف، فإن صورا قاسية تتكرر في القرى والمداشر فراغ السدود، نضوب العيون، ارتفاع أسعار الأعلاف، ومواشي

الفلاحون الصغار، العمود الفقري للفلاحة المغربية، لم يلمسوا حسب شهاداتهم دعما حقيقيا، لا على مستوى الأعلاف ولا المياه ولا تسويق المنتجات، في ظل منافسة غير متكافئة وتراجع التساقطات المطرية.

من كل هذه المعطيات، يتضح أن الأرقام التي تقدمها الحكومة، مهما بلغت ضخامتها، لا تعني شيئا إذا لم تنعكس على حياة الناس بشكل مباشر. وبين الشعارات والخطابات، يقف المواطن حائرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى