دواء السرطان بين الحاجة الملحّة والبيروقراطية المعرقلة

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكدت تجربة العديد من مرضى السرطان في المغرب، أن الحصول على الأدوية الأساسية للعلاج لا يزال يشكل تحديًا حقيقيًا، حتى مع توفر الموافقات الاستثنائية من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي (ANAM). فقد كشفت حالات عدة عن صعوبات كبيرة يواجهها المرضى أمام البيروقراطية المعقدة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، حيث رفض تعويض أدوية حياتية رغم صدور موافقات استثنائية من الوكالة.
أوضحت إحدى المريضات ل”إعلام تيفي”، وهي في المرحلة الأخيرة من مرض السرطان، أن توقفها عن تناول الدواء لمدة شهر بسبب عدم القدرة على توفير تكلفته التي تتجاوز 40 ألف درهم لكل عبوة، تستعمل لمدة شهر، أدى إلى تفاقم حالتها الصحية، مع انتشار المرض إلى الرئة والدماغ.
وأكدت أن المدة التي كانت تتلقى فيها الدواء شهدت استقرارًا نسبيا في حالتها، لكن بعد انقطاعه زادت معاناتها، وهو ما يكشف العلاقة المباشرة بين الدواء ومقاومة المرض.
وكشفت أن الدعم المالي الذي كان يوفره المحسنون لم يعد كافيًا بعد عدة أشهر، ما يضعها أمام خيار مستحيل بين الصحة والفقر. مضيفتا أنها تقدمت بشكايات متعددة من بينها إلى وسيط المملكة دون تجاوب لمدة سنتين، رغم أن القانون ينص على حق المرضى في التعويض عن الأدوية الضرورية للحياة إلا أن القانون الذي يعتمد عليه صندوق الضمان الإجتماعي صودرة في الثمينيات ولا يتماشى مع واقعنا الحالي.
وأكدت أن أسعار الأدوية المرتفعة، مقابل القدرة الشرائية المتواضعة، تجعل الوصول إلى العلاج مستحيلاً بالنسبة للفئات الهشة، على الرغم من وجود سقوف لتعويض الأدوية يحددها القانون.
وأوضح خبراء الصحة أن هذا التفاوت بين التكلفة والقدرة الشرائية يجب أن يُعاد النظر فيه، خاصة وأن المرضى يحتاجون إلى علاج مستمر يمتد لشهور، وليس لمراحل قصيرة كما يحدث غالبًا.
وأشارت إلى أنه بات من الضروري إعادة النظر في السياسات الصحية والتعويضية، لضمان أن المرضى لا يُتركوا للمعاناة وسط أروقة البيروقراطية، وأن يكون الوصول إلى دواء السرطان حقًا مضمونًا للجميع، وليس امتيازًا يعتمد على المحسنين أو الصدف المالية. وأكدت التجارب الإنسانية أن كل يوم بدون الدواء يمثل خسارة صحية ومعنوية جسيمة، وأن الوقت لا ينتظر أحدًا أمام هذا المرض الخبيث.





