ذكرى عيد الاستقلال.. 70 عامًا من الوحدة والازدهار بقيادة الملكية

حسين العياشي

في 18 نونبر من كل عام، يحيي المغاربة ذكرى عيد الاستقلال، تاريخ عميق في وجدان الأمة، يذكرنا باللحظة التاريخية التي عاد فيها الملك محمد الخامس إلى أرض الوطن بعد سنوات من المنفى في عام 1955. يومها، ارتفعت الأعلام، وتوحدت القلوب في لحظة فارقة كانت بمثابة نهاية لحكم الاستعمار الفرنسي وبداية عهد جديد من السيادة الوطنية، عهد يحمل آمال المغاربة في دولة حرة ومستقلة.

منذ تلك اللحظة، والشعب المغربي تحت قيادة العرش يواصل مسيرة البناء والتطوير، متمسكًا بوحدته ومصممًا على الحفاظ على استقلاله بكل عزيمة. اليوم، وبعد سبعين عامًا من تلك اللحظة المجيدة، يحتفل المغاربة في 2025 بذكرى هذا الاستقلال وهم يشعرون بالفخر والاعتزاز، متذكرين بكل حب وإجلال تلك الملحمة التي خاضها شعبنا في الدفاع عن وحدة وطنه، وعن ثوابته التي لا يمكن التفريط فيها، وعن الروابط العميقة التي تجمع بين العرش والشعب.

كانت عودة الملك محمد الخامس من المنفى عام 1955 نقطة انطلاق لمسيرة استكمال الوحدة الترابية للمغرب، حيث بدأ العرش والشعب في استرجاع أجزاء غالية من الوطن، من طرفاية في 1958، إلى سيدي إفني في 1969، وصولاً إلى تحرير الصحراء المغربية عبر المسيرة الخضراء في 1975. كانت هذه خطوات حاسمة في إعادة بناء وطن موحد، فكان المغرب يبني دولة ذات سيادة، مستلهمة من تاريخها، وعازمة على التطلع نحو المستقبل.

تحت قيادة الملك الحسن الثاني، عمل المغرب على تعزيز مؤسساته، وتعميق هويته الوطنية، وركز استثماراته في الأقاليم الجنوبية، مؤكدًا على مغربية الصحراء، وهي القضية التي أثبتت قوتها على الساحة الدولية بفضل هذا التوجه الثابت.

ولم يتوقف البناء على هذا المنوال، فقد استمر العمل تحت قيادة الملك محمد السادس، الذي طرح في 2015 نموذجًا جديدًا لتنمية الأقاليم الجنوبية، ليضعها على خارطة الاقتصاد الوطني، ويحولها إلى قاطرة للتنمية والازدهار. وكانت هذه خطوة كبيرة نحو تحويل هذه المناطق إلى قلب نابض للاقتصاد المغربي، وجعلها نموذجًا للاستثمار والتنمية الاجتماعية.

وفي عام 2025، يسجل المغرب مرحلة جديدة من مسيرته الوطنية، مع اعتماد عيد الوحدة “عيد الوحدة”، الذي يُحتفل به في 31 أكتوبر من كل عام، والذي يعكس تقديرًا عالميًا لمغربية الصحراء بفضل قرار مجلس الأمن رقم 2797، الذي جعل مبادرة الحكم الذاتي هي الأساس الحصري للمفاوضات. إن هذا الإنجاز الدبلوماسي يُعدّ تتويجًا لجهود المملكة في تعزيز مكانتها الدولية، ويشكل لحظة فارقة في تاريخنا المعاصر، إذ أصبح المغرب اليوم قوة إقليمية مسؤولة، تحترم حقوقها وحدودها وتستعد لمستقبلٍ أكثر استقرارًا وازدهارًا.

إن ما يعيشه المغرب اليوم من تلاحم داخلي، ووحدة شعبية، هو ثمرة لرؤية شاملة وعميقة أرسى قواعدها الملك محمد السادس منذ توليه العرش. رؤية تواكب متطلبات العصر، تعتمد على الجهوية المتقدمة، واللامركزية، وتعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار.

وتترجم هذه الرؤية إلى تحول استراتيجي في كافة المجالات، من سيادة اقتصادية واجتماعية، إلى استثمارات ضخمة في الصحة والطاقة والتعليم. لقد أصبح المغرب اليوم نموذجًا يحتذى به في العديد من المجالات، من خلال الصناعات الحديثة، والبنية التحتية المتطورة، والإصلاحات الاجتماعية العميقة التي تضع المواطن في قلب كل عملية تنموية.

إن المغرب، الذي حقق الاستقلال السياسي في منتصف القرن العشرين، يواصل اليوم بناء سيادته الشاملة في جميع المجالات، ليواجه تحديات القرن الواحد والعشرين بكل ثقة. بلد قوي، عازم على بناء مستقبل أفضل، ثابت في قيمه، قادر على حماية مصالحه وتطوير اقتصاده، في عالم يتغير بسرعة.

المغرب، بتاريخيه المجيد، وحكمه الرشيد، وعلاقته الوثيقة بين العرش والشعب، ينظر إلى المستقبل بعين مليئة بالأمل والطموح. متحدًا في تنوعه، قوياً في وحدته، عازمًا على مواصلة مسيرته نحو المزيد من التقدم والاستقرار، ليظل دائمًا وفيًا لإرثه العظيم، ولروح الاستقلال التي انطلقت في 1955، ولكن هذه المرة مع رؤية جديدة، واضحة، تضمن له سيادة شاملة ومستقبلًا مزدهرًا يليق بأبناءه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى