ذكرى فيضانات طاطا… جراح لم تندمل وهشاشة الجنوب الشرقي تتعرى من جديد

فاطمة الزهراء ايت ناصر
الأسبوع الثاني من شتنبر، يذكرنا بالذكرى الأولى لفاجعة فيضانات طاطا التي ضربت مجموعة من جماعات طاطا سنة 2024، والتي خلفت شهداء ودمارًا واسعًا في البنية التحتية والمنازل والخدمات، كاشفة حجم الهشاشة التي ترزح تحتها مناطق الجنوب الشرقي. فإلى حدود اليوم، ما تزال آثار تلك الكارثة ماثلة، فيما لم تتعافَ المنطقة بالشكل الكافي، مما يعكس واقع التهميش الذي يطبع هذه الربوع.
وبينما لم يندمل جرح الفاجعة الأولى، عادت الأمطار الطوفانية في نفس التاريخ يوم 8 شتنبر 2025 لتغمر المنطقة من جديد، وإن كانت هذه المرة أقل حدة، لكنها جددت المخاوف وفتحت الجراح القديمة.
ففي جماعة أمكدال بإقليم الحوز، جرفت السيول عدداً من السيارات وقطعت طرقاً حيوية، بينما شهد دوار إفسفاس التابع لجماعة تزغت عزلة شبه تامة بعد أن غمرته مياه الأودية. هذه المشاهد التي تكررت للعام الثاني على التوالي تكشف أن دروس الماضي لم تُستوعب بعد، وأن البنية التحتية ما تزال عاجزة عن مواجهة أبسط التقلبات المناخية.
فيضانات السنة الماضية ذمرت طرقات عدة في اقيم طاطا ومازالت على حالها رغم مرور سنة عن الكارثة،ولعل من بين هذه المحاور، الطريق الرابطة بين تمنارت وتافراوت عبر سموكن، والتي شهدت سقوط 15 ضحية في دوار أوكرضا خلال فيضانات 2024. والطريق غير المصنفة الرابطة بين مركز أقا ودوار أكادير أوزرو مروراً بجماعة سيدي عبد الله بن مبارك. والطريق الوطنية الرابطة بين مركز أقا وجماعة سيدي عبد الله بن مبارك مروراً بدوار تكاديرت في اتجاه أميتك. والطريق الوطنية الرابطة بين طاطا وآسافن في اتجاه تارودانت.
هذه الطرقات، رغم أهميتها الحيوية في ربط الجماعات والدواوير، ما زالت تنتظر تدخل الجهات المختصة لإصلاحها وتأمينها، مما يجعل التنقل في هذه المناطق محفوفاً بالمخاطر ويزيد من معاناة السكان، خصوصاً أثناء الأمطار والسيول.
وبالرغم من التدخل الملكي السريع الذي ساهم في التخفيف من آثار فيضانات 2024، عبر تعبئة الجيش والقوات المساعدة وتخصيص ميزانيات لدعم الأسر المتضررة، إلا أن واقع الحال يكشف أن الجهود الموسمية للنخبة المشرفة على تدبير الشأن المحلي لم تنجح في بناء استراتيجية تنموية متكاملة تحمي الإنسان والمجال.
بل إن إلغاء استراتيجية تنمية الواحات السنة الماضية زاد من شعور الساكنة بالتهميش والخذلان، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى استثمارات كبرى لمواجهة التغيرات المناخية وتحقيق العدالة المجالية.
الذكرى الأولى لفاجعة طاطا ليست فقط مناسبة لاستحضار الأرواح التي قضت غرقاً، بل هي دعوة لتقييم واقع التنمية في الجنوب الشرقي، حيث يظل المجتمع المدني في كثير من الأحيان هو خط الدفاع الأول، فيما تغيب رؤية الدولة الشمولية.
وبينما يرفع السكان أكف الضراعة ترحماً على الضحايا، فإن رسالتهم الأبرز هي المطالبة بحقهم في الحياة الكريمة، وبنية تحتية قادرة على حماية أرواحهم وممتلكاتهم، حتى لا يتحول المطر، نعمة السماء، إلى نقمة تلاحقهم كل خريف.





