رئيس جامعة منتمي لحزب الأحرار يسبق الوزير ويحوّل سؤالاً برلمانياً إلى مواجهة سياسية

حسين العياشي

في سابقة لافتة، وجّه نائب برلماني عن حزب الاستقلال، سؤالاً كتابياً إلى وزير التعليم العالي، عز الدين ميداوي، عن حزب الأصالة والمعاصرة، حول أداء جامعة محمد الأول بوجدة، وأثرها السوسيو-اقتصادي على المنطقة. غير أن الجواب لم يأت من الوزارة كما تقتضي الأعراف، بل بادر رئيس الجامعة، ياسين زغلول، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، إلى نشر رد مطوّل على صفحته الشخصية بـ”فيسبوك”، موجهاً خطابه مباشرة إلى البرلماني، ومتجاوزاً المسار المؤسسي المعتاد.

هذا الخروج الإعلامي، الذي قفز على صلاحيات الوزارة، حوّل سؤالاً برلمانياً مشروعاً إلى مواجهة سياسية علنية، وأعاد إلى الواجهة التوترات بين وزارة يقودها الأصالة والمعاصرة ورؤساء جامعات محسوبين على حزب الأحرار، والذين باتوا قادرين على فرض إيقاعهم والتعبير عن مواقفهم قبل صدور الموقف الرسمي للوزارة الوصية.

زغلول، الذي راج اسمه قبل آخر تعديل حكومي ضمن قائمة مسربة – تم نفيها لاحقاً – للمرشحين المحتملين لتولي حقيبة التعليم العالي، يحاول أن يرسّخ بهذه الخطوة صورته كشخصية نافذة داخل المشهد السياسي بوزن يتجاوز، في نظر البعض، حتى الوزراء أنفسهم.

أما في سياق دفاعه عن حصيلة الجامعة، استشهد زغلول بقصة طالب تخرّج عام 2013، أطلق مشروعاً رقمياً (lagare.ma) فشل في الصمود أمام منافسه (markoub.ma)، قبل أن يتحول إلى مجال اللوجستيك. مثال يراه منتقدوه أقرب إلى نجاح شخصي منه إلى إنجاز أكاديمي مباشر. كما قدّم برنامج “الطالب المقاول”، الذي أُطلق سنة 2021 بشراكة مع ولاية جهة الشرق والمجلس الجهوي والاتحاد العام لمقاولات المغرب بالجهة، والمركز الجهوي للاستثمار، وبميزانية 4,5 ملايين درهم، كأحد إنجازاته البارزة. لكن شهادات بعض المشاركين تصفه بفشل تام في مرحلته التجريبية، مع غياب أي متابعة أو نتائج ملموسة بعد أربع سنوات من إطلاقه.

هذه الواقعة تعكس أيضاً صورة وزير تعليم عالٍ تبدو هوامش تحركه محدودة، في ظل نفوذ رؤساء جامعات منتمين إلى حزب رئيس الحكومة، وهو ما يغذي الانطباع بأن بعض القرارات أو الصمت الوزاري لم تعد تحددها إستراتيجية قطاعية بحتة، بقدر ما تخضع لمعادلة سياسية تميل لصالح الأحرار.

ورغم أن رد رئيس الجامعة كسر القواعد الإجرائية، فإنه حقق – في نظر المتابعين – رقماً قياسياً في سرعة الإجابة على سؤال برلماني مكتوب في التاريخ الحديث للبرلمان المغربي. رقمٌ قياسي يعكس، أكثر مما يعكس حرصاً على الشفافية، رغبة في تسجيل نقاط سياسية سريعة.

اللافت أن هذه الخطوة، تأتي في وقت أُعفي فيه مؤخراً عدد من رؤساء الجامعات من مهامهم، في حين يواصل رئيس جامعة وجدة التحرك بحرية، والرد علناً قبل الوزير، وتوجيه الخطاب للبرلمانيين، دون أن يلوح في الأفق أي إجراء تأديبي بحقه. مشهدٌ يكرّس فكرة أن بعض رئاسات الجامعات تحولت إلى قلعة سياسية، على حساب الحياد الأكاديمي واحترام الضوابط المؤسسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى