رجاء ل”إعلام  تيفي”:”واقع المتقاعدين وجيل Z وجهان لعملة واحدة ماضٍ لم يُنصف ومستقبل لم يُمنح”

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

أكد عبدالعزيز رجاء، الرئيس المؤسس لهيئة المتقاعدين المدنيين بالمغرب، أن دراسة الأجيال ليست مجرد مسألة أكاديمية، بل نافذة لفهم الواقع الاجتماعي في المغرب، حيث تتجسد العلاقة الجدلية بين جيل المتقاعدين، الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن مقابل معاشات هزيلة، وجيل Z، الأبناء والأحفاد الذين يواجهون انسداد الأفق وغياب العدالة في التعليم والشغل والصحة والعيش الكريم.

وأوضح رجاء ل”إعلام تيفي” أن هذه العلاقة ليست مجرد علاقة عائلية، بل تمثل صورة مكثفة لخيبة أمل جماعية ماضٍ لم يُنصف ومستقبل لم يُمنح، مؤكدا  أن جيل Z في المغرب ليس مجرد تصنيف عالمي، بل هو أبناء وأحفاد المتقاعدين أنفسهم، الذين ولدوا وترعرعوا في زمن الهواتف الذكية والرقمنة، وتربوا على قيم الحرية والعدالة، لكنهم اصطدموا بواقع صعب يتمثل في بطالة متفشية حتى بين حاملي الشهادات العليا، ومدرسة عمومية تحولت إلى حقل تجارب لبرامج فاشلة مثل “المدرسة الرائدة”، مقابل تعليم خصوصي باهظ التكلفة، وغياب الفرص بسبب المحسوبية بدل الكفاءة، وحلم الهجرة الجماعية كحل للهروب من الإحباط، كما ظهر في حالات مثل الفنيدق سبتمبر 2024.

وكشف رجاء أن برامج التشغيل والتكوين الموجهة للشباب، رغم تعددها، لم تحقق أهدافها، مثل إدماج (2006) الذي وفر عقودًا مؤقتة استُغلت كيد عاملة رخيصة، وتأهيل (2007) الذي قدّم تكوينات نظرية بعيدة عن حاجيات سوق الشغل، ومقاولتي (2006–2011) التي فشلت أغلب مشاريعها بسبب غياب التأطير والتمويل، وأوراش (2022) التي وفرت مناصب مؤقتة بلا استقرار مهني، وفرصة (2022) التي عانت من البيروقراطية والمحسوبية. وأكد رجاء أن هذه البرامج لم توفر حلولًا حقيقية، بل عمقت إحباط الشباب وأثقلت كاهل المتقاعدين الذين اضطروا للاستمرار في دعم أبنائهم ماديا رغم ضعف معاشاتهم.

وأشار المتحدث إلى أن المتقاعدين قضوا عقودًا من حياتهم في الإدارات والقطاعات الإنتاجية، ليجدوا أنفسهم بعد التقاعد أمام واقع مرير، يتمثل في معاشات مجمدة منذ أكثر من 27 سنة في القطاع العام، وزيادة هزيلة جدًا في القطاع الخاص، وتكاليف علاج باهظة مقابل تغطية صحية شبه منعدمة، واستمرار مسؤولية الإنفاق على الأبناء رغم توقف التعويضات العائلية عند سن 21، بينما يواصل العديد منهم دراستهم، بالإضافة إلى تهميش وإقصاء من الحياة العامة رغم تراكم الخبرة والتجارب.

وأكد رجاء أن كلا الجيلين وجد في العالم الرقمي متنفسًا ومساحة للتعبئة في ظل عجز الأحزاب والنقابات، فالشباب يستخدمون الهاشتاغات للمطالبة بالحق في التعليم والشغل والصحة، بينما يوظف المتقاعدون الفضاء الافتراضي لعرض معاناتهم وتنظيم وقفات سلمية.

وأوضح أن “الهاشتاغ” أصبح أكثر تأثيرًا من البيانات الحزبية وأصدق من أي خطاب رسمي، وهو ما يكشف فقدان الثقة في الوساطة المؤسساتية.

وكشف أن الدولة اكتفت بحلول ترقيعية، مثل زيادات طفيفة في المعاشات ( 5℅ في القطاع الخاص و زيرو درهم في معاشات القطاع العام)  وإعفاء ضريبي لم يستفد منه سوى أقل من 4% من المتقاعدين الميسورين، وبرامج تشغيل بلا أثر ملموس، وأضاف أن الأحزاب فقدت مصداقيتها أمام الجيلين، فالمتقاعدون يعتبرونها تخلت عنهم، والشباب يرونها عاجزة عن تمثيلهم والتعبير عن طموحاتهم، ولم تنصف من أفنى زهرة أعمارهم في نهضة وتطور البلاد.

وقال:”جيل المتقاعدين وجيل Z هما وجهان لعملة واحدة، فالجيل الأول ضحية عقود من التضحيات التي لم تُقدَّر، والثاني ضحية سياسات عمومية فاشلة لم تمنحه فرصة للانطلاق”، مشددًا على أن المطلب واحد، الكرامة والعدالة الاجتماعية، وأن أي إصلاح حقيقي في المغرب لا يمكن أن يفصل بين الملفين، بل يجب التعامل معهما كقضية واحدة تمس حاضر البلاد ومستقبلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى