
حسين العياشي
في ظل الاضطرابات التي تعرفها أسواق الحبوب العالمية، برز المغرب كأحد المشترين البارزين للقمح الروسي خلال شهر غشت المنصرم. فقد استوردت المملكة حوالي 89 ألفاً و700 طن، بزيادة بلغت 50 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وبقيمة تناهز 211 مليون درهم، ما جعلها ضمن كبار المستوردين الأفارقة لهذا المنتوج الاستراتيجي.
البيانات التي نشرتها الاتحاد الروسي للحبوب (RGU) توضح أن هذه الزيادة تأتي في وقت تعيش فيه روسيا تراجعاً عاماً في صادراتها. فبعد انهيار بنسبة تفوق 51 في المئة في يوليوز، تقلصت نسبة التراجع إلى 34 في المئة في غشت، حيث بلغت الصادرات 5,49 ملايين طن، منها 4,84 ملايين طن من القمح وحده.
وعلى مستوى توزيع المبيعات، واصلت مصر تصدر قائمة المستوردين بـ824 ألف طن رغم تراجعها اللافت مقارنة بـ1,4 مليون طن في 2024. فيما عززت دول أخرى حضورها، مثل كينيا التي رفعت وارداتها بـ69 في المئة، وليبيا (+13%)، والسودان الذي ضاعف وارداته تقريباً. وفي هذا السياق، تموضع المغرب في مرتبة متقدمة خلف هذه القوى الأفريقية، بتسجيله قفزة قوية في حجم الواردات.
أما على صعيد الأسعار، فقد انخفض سعر الطن من القمح الروسي، بميناء نوفوروسيسك من 241 دولاراً مطلع غشت إلى 235 دولاراً في نهايته، وهو رقم لا يزال أعلى من السعر الذي كان سائداً قبل عام (212 دولاراً). والأهم أن القمح الروسي أصبح يباع أغلى من نظيره الفرنسي بأربعة دولارات للطن، بعدما كان أرخص بـ22 دولاراً في 2024.
هذا التحول يسلط الضوء على دينامية جديدة في سوق الحبوب، حيث لم يعد السعر وحده العامل المحدد، بل أيضاً التقلبات اللوجستية وتغير خريطة الشركاء التجاريين. وبالنسبة للمغرب، فإن تعزيز وارداته من القمح الروسي يعكس سعيه إلى تأمين حاجياته الغذائية في ظرفية عالمية مضطربة، خاصة مع تزايد الطلب الداخلي وتراجع الإنتاج الفلاحي بفعل الجفاف.
وبينما تتراجع صادرات روسيا نحو عدد من شركائها التقليديين في آسيا والشرق الأوسط، يبدو أن الأسواق الأفريقية ـ ومن بينها المغرب ـ بصدد لعب دور متزايد الأهمية في امتصاص جزء من فائض الحبوب الروسي، بما يجعلها حلقة محورية في التوازنات الجديدة للتجارة الدولية في هذا القطاع.





