ساري ل”إعلام تيفي”: “الخطاب الملكي يرسم ملامح مغرب صاعد ويؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاح”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

أكد المحلل الاقتصادي رشيد ساري أن خطاب الملك محمد السادس أمام البرلمان حمل نبرة هادئة وحازمة في الوقت نفسه، محمّلة برسائل استراتيجية دقيقة موجهة إلى مختلف الفاعلين الوطنيين.

وأوضح ل”إعلام تيفس” أن الخطاب الملكي لم يكن تقليديا، بل جاء ليؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاح، ويكرس تحول المغرب إلى مصاف الدول الصاعدة، وهو ما يفرض -بحسب ساري- مسؤوليات مضاعفة على المؤسسات، من حكومة وبرلمان وأحزاب وإعلام ومجتمع مدني.

وكشف ساري أن الملك شدد في خطابه على ضرورة تسريع وتيرة العمل داخل البرلمان والحكومة، خاصة في السنة الأخيرة من الولاية التشريعية، مبرزا أن الدعوة إلى العمل بروح المسؤولية واستكمال المخططات التشريعية تعني أن المرحلة لا تحتمل الانتظار أو الحسابات السياسية الضيقة، بل تستوجب مضاعفة الجهود لإتمام المشاريع المفتوحة وترجمتها إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وأوضح المحلل الاقتصادي أن الخطاب الملكي حمل كذلك رسالة قوية إلى الحكومة، حين دعا إلى إعادة ترتيب الأولويات، والتوفيق بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، لأن الغاية هي تحسين ظروف عيش المواطنين، وهي رسالة تؤكد أن التنمية الاقتصادية لا تكتمل إلا بالإنصاف الاجتماعي، وأن المشاريع الكبرى تفقد معناها إذا لم يشعر المواطن بأثرها المباشر في حياته اليومية.

وأضاف ساري أن الخطاب تضمن بعدا محاسباتيا واضحا، من خلال الحديث عن الفعالية واليقظة والالتزام، وهي عبارات تعبر عن عدم رضا ملكي عن بطء بعض القطاعات، خاصة في مجالي التعليم والصحة، ما يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد تشديدا في مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأشار إلى أن الملك دعا بوضوح إلى تحسين التأطير والتواصل مع المواطنين، معتبرا أن هذا المطلب موجه بالأساس إلى الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والإعلام، فالدعوة إلى تأطير المواطنين، حسب ساري، تعكس قلقا من ضعف الوساطة المؤسساتية، خصوصا بعد بروز حركات شبابية جديدة وتزايد التعبير الاحتجاجي عبر المنصات الرقمية.

وأوضح أن الملك ربط نجاح أي إصلاح حقيقي بمدى انخراط المواطنين في التنمية، معتبرا أن التنمية لا تبنى فقط من فوق، بل تحتاج إلى تعبئة قاعدية ومشاركة فعالة من المجتمع، بما في ذلك الفاعلون المحليون والهيئات المدنية.

وأضاف ساري أن الخطاب الملكي وجه أيضا رسالة إلى الإعلام الوطني، داعيا إلى تجاوز التغطية السطحية للأحداث نحو تفسير السياسات العمومية وتبسيطها للمواطنين، مع ضرورة محاربة الأخبار الزائفة والالتزام بالمهنية في معالجة القضايا الوطنية، خصوصا في سياق التحولات الرقمية المتسارعة.

وأكد أن الملك أعلن بوضوح أن المغرب اليوم يصنف ضمن الدول الصاعدة، وهي إشارة رمزية قوية تعكس مرحلة جديدة من التموقع الدولي للمملكة، لكنها أيضا تنبيه إلى ضرورة مواكبة هذا التحول بمؤسسات قوية وفعالة، وإعلام مسؤول، ومجتمع مدني تعبوي.

واعتبر ساري أن الخطاب الملكي كان بمثابة خريطة طريق لمغرب العدالة المجالية والتنمية المتوازنة والمؤسسات الفعالة، مؤكدا أن الرسائل كانت واضحة؛ لا مكان للفراغ السياسي، ولا جدوى من المشاريع الكبرى دون أثر اجتماعي ملموس، في دعوة صريحة إلى تعبئة وطنية شاملة لمواصلة مسار البناء والإصلاح في ظل التحولات الداخلية والرهانات الدولية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى