ساري ل”إعلام تيفي”: “قانون المالية الجديد خطوة نحو تنمية شاملة لكنها تواجه تحديات”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد المحلل الاقتصادي رشيد ساري أن مشروع قانون المالية الجديد يبدو وكأنه تم إعداده أو تغييره في اللحظات الأخيرة، خاصة في ضوء ما جاء في خطب العرش الأخيرة.
وكشف ساري ل”إعلام تيفي” أن من الملاحظات الأولى على هذا المشروع هو تخصيص حوالي 60% من الاستثمار العمومي للمجال القروي والمناطق الجبلية، تلبيةً لمطالب الخطاب الملكي الذي شدد على محاربة الهشاشة والفقر، الذي لا يزال يشكل نسبة 72% في هذه المناطق.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن المشروع يعكس توجهاً وطنياً يدعو إلى عدم السير بسرعتين مختلفتين في التنمية، وهو ما عبر عنه الخطاب الملكي بدعوة الحكومة إلى توحيد الجهود وتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة.
وكشف المحلل أن هناك تركيزاً واضحاً على دعم قطاع المياه بنسبة 100% ضمن المخططات الاجتماعية، إلى جانب دعم الحماية الاجتماعية، وهو ما يؤكد اهتمام الحكومة بتوفير أساسيات العيش الكريم.
وأشار رشيد ساري أن مشروع القانون يولي أهمية لتوسيع الشبكة الطرقية القروية، حيث تم تخصيص ألفين وخمسمائة كيلومتر من الطرق، بالإضافة إلى دعم النقل المدرسي الذي يستحوذ على نسبة 40% من الميزانية المخصصة لذلك.
وأكد أن هناك حديثاً عن إحداث 150 ألف فرصة عمل جديدة، وهو أمر يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على تحقيق هذا الهدف، خاصة مع الفشل الذي شهدته في خلق نصف مليون منصب شغل خلال السنوات السابقة.
وأكد المحلل أن دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة تم تخصيص له 20% من ميزانية الاستثمار، لكنه أشار إلى أن هذه النسبة ليست جديدة وأن العراقيل التي تواجه هذه المقاولات لم تُحل بعد، وأن هذا الأمر يتجاوز حكومات بعينها، حيث استمرّت المشكلة في الحكومات السابقة.
وفيما يتعلق بالجانب البيئي، أوضح رشيد ساري أن إصدار السندات الخضراء بقيمة 10 مليار درهم يعكس توجه المغرب نحو مواجهة التغيرات المناخية والتقلبات البيئية الصعبة، وهو جانب حيوي في ظل التحديات العالمية الحالية.
أما على صعيد النمو الاقتصادي، فأوضح المحلل أن معدل النمو المتوقع حوالي 4.5% هو معدل يمكن تحقيقه في ظل المشاريع الكبرى التي يشهدها المغرب، خاصة مع استضافة كأس العالم 2029، والتي ستُحدث انتعاشاً اقتصادياً كبيراً وفرص عمل متعددة في قطاعات السيارات والصناعة والسياحة والغذاء.
لكن رشيد ساري حذر من تعميم هذا المعدل على سياسة الحكومة فقط، مشيراً إلى أن هذا النمو هو نتاج استراتيجية الدولة بشكل عام، وليس مسؤولية الحكومة الحالية فقط.
وأشار إلى أهمية الحذر في المديونية التي يتوقع أن تصل إلى حوالي 65% نهاية 2026، مشدداً على ضرورة توجيه هذه المديونية بشكل فعّال نحو الاستثمار الذي يولد قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد.
وأكد المحلل الاقتصادي أن التحدي الأكبر هو الاستمرار في خلق فرص الشغل والتعامل مع حجم المديونية، مشيراً إلى ضرورة ضبط السياسات المالية والنقدية لتحقيق توازن مستدام بين النمو الاقتصادي والديون.