سامي لـ”إعلام تيفي”:”الذكاء الاصطناعي مفتاح السيادة الرقمية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد المحلل الاقتصادي محمد أمين سامي، أن انعقاد المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي يشكل محطة استراتيجية تعكس إدراك المغرب لحجم التحولات التكنولوجية والاقتصادية التي يشهدها العالم، مبرزًا أن المملكة تخطو بثبات نحو إدماج الذكاء الاصطناعي في صلب السياسات العمومية برؤية وطنية فعالة وأخلاقية.
وأوضح ل”إعلام تيفي” أن السياق الدولي الحالي يتميز بثورة رقمية غير مسبوقة، تتجسد في تطور الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والخوارزميات، مؤكدًا أن هذه الدينامية تفرض على المغرب الاستثمار في هذا المجال ليس فقط كمجال اقتصادي، بل كرافعة لتحسين الأداء العمومي وتحديث الاقتصاد الوطني.
وكشف سامي أن إدماج الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة ملحة لتحسين جودة الخدمات العمومية وتطوير أداء القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن المغرب، من خلال المناظرة الوطنية، يرسل إشارات قوية على استعداده للانخراط الفعلي في اقتصاد المعرفة.
وأبرز في هذا السياق أن دولًا كبرى أطلقت مبادرات وطنية للذكاء الاصطناعي، ما يجعل من التنافس في هذا المجال رهانا استراتيجيا بين القوى العالمية، وهو ما يعزز من وجاهة اختيار المغرب للاستثمار فيه.
وأبرز المحلل الاقتصادي أن الإعلان عن استثمار يفوق 11 مليار درهم ضمن استراتيجية “المغرب الرقمي 2030” يعكس الطموح الكبير للمملكة لتصبح منصة رقمية قارّية، مشيرًا إلى أن هذا الاستثمار موجه لتكوين 100 ألف شاب في المهن الرقمية وخلق 240 ألف فرصة عمل، بمعدل 24 ألف منصب شغل سنويًا، وهو رقم وصفه بالمهم وغير الهين، بالنظر إلى متطلبات سوق الشغل في المستقبل.
وشدد على أن هذا التوجه يؤكد أن السيادة الرقمية لم تعد تقتصر على حماية المعطيات، بل تشمل أيضا امتلاك المعرفة التقنية والكفاءات البشرية، وهو ما يتطلب تكوينًا متواصلًا واستثمارًا نوعيًا في البحث العلمي.
وأكد سامي أن بناء سيادة رقمية وطنية حقيقية يمر عبر شراكة رباعية تضم الدولة والقطاع الخاص والجامعات والمجتمع المدني، مبرزًا أن كل طرف من هذه الأطراف له دور تكميلي في رسم ملامح منظومة رقمية مندمجة.
وأوضح أن الدولة مطالبة بتوفير ترسانة قانونية وتشريعية تؤطر استعمال الذكاء الاصطناعي، فيما يُنتظر من القطاع الخاص أن يستثمر في الابتكار وتطوير الخدمات، في حين تضطلع الجامعة بمسؤولية البحث والتكوين، ويلعب المجتمع المدني دورًا مهمًا في التوعية والمواكبة ورصد أثر السياسات الرقمية على المواطنين.
وشدد سامي على أن المواطن يوجد في قلب هذا التحول، ويجب أن يكون المستفيد الأول منه، مبرزًا أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُسخّر لتحسين جودة العيش، وتطوير الخدمات، وتقليص الفجوة بين الوسطين الحضري والقروي. كما أشار إلى أن من شأن هذا التوجه أن يعزز العلامة المغربية الرقمية “MarocTech”، ويكرّس المغرب كفاعل رقمي إقليمي قادر على تصدير الخبرات والمنتوجات الرقمية.
وأوضح المتحدث أن ضمان انخراط أوسع للشباب المغربي في هذا الورش يتطلب رفع ميزانيات البحث العلمي، وتطوير آليات تمويل مبتكرة، وتشجيع الشركات الناشئة عبر فتح باب التعاقد مع الفاعلين الكبار، واقتراح أدوات تمويل بديلة مثل السندات الرقمية. واعتبر أن تحسين مناخ الأعمال وتحفيز المبادرات الرقمية محليًا وجهويًا، من شأنه أن يسهم في خلق الثروة البشرية، وتحقيق الاستدامة، وضمان ذكاء اصطناعي إنساني في خدمة الإنسان ومن الإنسان.
وأكد أن المغرب يملك من الكفاءات والطموح ما يؤهله لريادة هذا التحول الرقمي، شريطة أن تتظافر الجهود لبناء اقتصاد ذكاء اصطناعي وطني، يستند إلى القيم، ويخدم التنمية المستدامة، ويعزز مكانة المملكة في عالم سريع التغير.