سمسم: عشرة في المئة فقط.. نصيب قطاع الصحة من الأسئلة البرلمانية

حسين العياشي
من بين القضايا التي تشغل بال المغاربة يوميًا، تظل الصحة في مقدمة الأولويات. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: إلى أي حد يشكل هذا الملف أولوية حقيقية داخل قبة البرلمان؟ سؤال حاولت مبادرة سمسم للمشاركة المواطنة مقاربته عبر قراءة دقيقة في حصيلة الأسئلة البرلمانية الموجهة إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية خلال الولاية التشريعية الحالية (2021–2026).
فخلال هذه الولاية، بلغ مجموع الأسئلة الكتابية والشفوية التي تقدّم بها النواب والنائبات 39 ألفًا و868 سؤالًا، وجه منها 4113 سؤالًا إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أي ما يعادل 10.32% من إجمالي الأسئلة البرلمانية. هذه النسبة تكشف عن حضور نسبي للقطاع الصحي في اهتمامات ممثلي الأمة، لكنها تطرح أيضًا سؤالًا آخر حول نوعية هذا الاهتمام وعمقه.
وعند تفكيك هذه المعطيات، يتبيّن أن أغلب الأسئلة كانت كتابية، حيث بلغ عددها 2740 سؤالًا، مقابل 1373 سؤالًا شفويًا. وهو ما يعكس حرص عدد من النواب على توجيه ملاحظاتهم واستفساراتهم في صيغة مكتوبة، ربما لضمان توثيقها أو لإحراج الحكومة بالأرقام والمعطيات الرسمية، بينما ظل الحضور الشفوي في الجلسات العامة أقل نسبيًا.
لكن الأهم من حجم الأسئلة هو كيفية تفاعل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية معها. فوفق معطيات سمسم للمشاركة المواطنة، لم تتجاوز نسبة الأجوبة 42.2%، إذ أجابت الوزارة على 1736 سؤالًا فقط من أصل أكثر من أربعة آلاف سؤال موجه إليها. رقم يثير تساؤلات حول مدى انفتاح القطاع على المساءلة البرلمانية، خاصة وأن القضايا الصحية تمسّ حياة المواطنين بشكل مباشر، من جودة الخدمات إلى النقص في الموارد الطبية والأطر، مرورًا بمشاكل البنية التحتية وضعف التغطية في المناطق النائية.
هذه الأرقام لا تعبّر فقط عن نشاط رقابي بل تكشف أيضًا ملامح العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ملف من أكثر الملفات حساسية. فبين نواب يسعون إلى نقل نبض الشارع إلى قبة البرلمان، ووزارة تواجه تحديات ميدانية معقدة وضغطًا إصلاحيًا متصاعدًا، تبقى الصحة مرآة تعكس قدرة الدولة على التوفيق بين الحق في العلاج والحق في المساءلة.
في النهاية، قد لا تكفي الأرقام وحدها للحكم على مدى اهتمام النواب والنائبات بموضوع الصحة، لكنها تفتح الباب أمام نقاش أوسع: هل يكفي أن نطرح الأسئلة، أم أن المطلوب هو متابعة الأجوبة وتقييم أثرها؟ بين الأرقام والواقع، تبقى صحة المواطن الاختبار الحقيقي لمدى جدية النقاش البرلماني حول هذا القطاع الحيوي.