سياسات جديدة لأوروبا تضيق الخناق على تحويلات مغاربة العالم نحو المغرب

حسين العياشي

في الوقت الذي تعوّل فيه المملكة على تحويلات مغاربة العالم، التي تشكل ما يعادل 8% من النتاتج الداخلي الخام، تلوح في الأفق بوادر تحديات جديدة مع دخول التوجيه الأوروبي حيز التنفيذ مطلع سنة 2026 ، والرامي إلى توحيد معايير الحوكمة والامتثال بالنسبة للبنوك الأجنبية، بما فيها المغربية التي تتوفر على فروع داخل الاتحاد الأوروبي.

وفق تحليل لوكالة “FitchSolutions”، فإن هذه المقتضيات قد تدفع بعض المؤسسات إلى تبني نموذج “الفرع المستقل” أو ما يعرف بـ “subsidiarisation”، وهو خيار يمنح البنوك مرونة تشغيلية أوسع، لكنه يثقل كاهلها بمساطر قانونية ورقابية معقدة. ومن شأن ذلك أن ينعكس على قنوات التحويل التقليدية التي يعتمد عليها ملايين المغاربة المقيمين بالخارج، مهددًا بانخفاض مرونتها وارتفاع تكاليفها.

لكن هذه التغيرات لا تقتصر على الجانب السلبي وحده، إذ يتوقع أن تفتح الباب أمام البنوك الرقمية وشركات التكنولوجيا المالية للاستفادة من الوضع، بفضل تكاليفها المنخفضة وقدرتها على الابتكار السريع، ما قد يجعلها الخيار المفضل للجاليات الأجنبية، ومنها المغربية. هذا التحول قد يعيد رسم ملامح سوق التحويلات الدولية، ويدفع البنوك التقليدية إلى تسريع خطى التحول الرقمي والانفتاح على شراكات جديدة لضمان بقائها في قلب المنافسة.

في المحصلة، يقف المغرب أمام رهان استراتيجي معقد، يتمثل في الحفاظ على ثقة مغاربة العالم وضمان استمرار تدفق تحويلاتهم، من خلال مواكبة بنوكه لهذه التحولات وتعزيز جاهزيتها التكنولوجية والرقابية، دون إغفال ضرورة التفاعل مع الشركاء الأوروبيين لتخفيف آثار التوجيه الجديد. فالأمر لا يتعلق فقط بمعادلة مالية، بل بمسألة تمس استقرارًا اقتصاديًا واجتماعيًا يعتمد، بشكل كبير، على ارتباط الجالية بوطنها الأم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى