شقير ل”إعلام تيفي”: “تكليف الداخلية بانتخابات 2026 رسالة لضمان الشفافية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

اعتبر الباحث في العلوم السياسية محمد شقير أن تكليف الملك محمد السادس لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بالإشراف الكامل على التحضير للاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، بدل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ليس مجرد إجراء إداري بل رسالة سياسية قوية تهدف إلى تعزيز الثقة في نزاهة العملية الانتخابية المقبلة.

وأوضح شقير ل”إعلام تيفي” أن الانتخابات القادمة تحمل طابعًا استثنائيًا، باعتبار الحكومة التي ستفرزها ستكون معنية مباشرة بمواكبة الأوراش الكبرى المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030، وهو ما يجعل أعين الداخل والخارج مركزة على قدرة المغرب على إنتاج نخب سياسية ذات مصداقية وقيادة حكومية قوية.

وأشار الباحث في العلوم السياسية إلى أن هذا القرار الملكي يُقرأ أيضًا كآلية لتفادي أي شبهة تضارب مصالح، كان يمكن أن تنشأ لو تولى رئيس الحكومة، وهو في الوقت نفسه زعيم حزب سياسي مشارك في المنافسة الانتخابية، الإشراف على تنظيمها، مما قد يؤثر على صورتها ومصداقيتها.

ويرى شقير أن أحد الأهداف الرئيسية لهذا التكليف هو إزالة أي لبس قد يشوب نزاهة الانتخابات، خصوصًا بعد الانتقادات التي وُجهت للحكومة الحالية واتهامات المعارضة لها بما سُمي بـ”التغول الديمقراطي”.

وأشار إلى أن وزارة الداخلية، بحكم خبرتها الطويلة في تدبير الاستحقاقات الانتخابية وشبكتها الواسعة من العمال والولاة، تُعتبر الجهة الأكثر تأهيلاً من الناحية التنظيمية واللوجستيكية لضمان انتخابات نزيهة وشفافة، في ظل مراقبة دولية متوقعة لهذه المحطة.

واعتبر شقير أن هذه الخطوة ليست معزولة عن سياق أوسع، إذ سبقها سحب ملفات حساسة من يد رئيس الحكومة، أبرزها تدبير الدعم الموجه لإعادة تكوين القطيع الوطني، الذي أُسند بدوره إلى وزارة الداخلية بدل وزارة الفلاحة، مما يعكس إعادة ترتيب غير معلنة لصلاحيات السلطة التنفيذية.

ولفت الباحث إلى أن التطورات الأخيرة تشير إلى عودة هادئة لوزارة الداخلية إلى قلب صناعة القرار، ليس فقط في الجوانب الأمنية والترابية، بل في ملفات سياسية واجتماعية مهمة، وهو ما قد يرسم معالم جديدة لمعادلة السلطة التنفيذية بالمغرب.

وفي المقابل، انتقد شقير المشهد الحزبي المغربي، معتبرًا أنه مازال عاجزًا عن تجديد نُخبه بسبب استمرار نفس القيادات في السيطرة على أحزابه لعقود، مثل إدريس لشكر، ونبيل بنعبد الله، وعبد الإله بنكيران، مما يجعل أي إصلاح انتخابي بلا أثر ملموس إذا لم ترافقه عملية تغيير حقيقي للنخب السياسية.

ودعا شقير الدولة والأحزاب إلى التفكير في آليات لإحداث هذا التغيير دون المساس بمبادئ الديمقراطية الداخلية، لأن استمرار نفس الوجوه يعني إعادة إنتاج نفس النخب، وبالتالي بقاء الأزمة السياسية كما هي.

وختم شقير تصريحه بالتأكيد على أن انتخابات 2026 ستكون محطة حاسمة في تاريخ المغرب السياسي، لأنها ستفرز حكومة يتجاوز دورها التدبير العادي للسياسات العامة، لتتحمل مسؤولية كبرى أمام الداخل والخارج في مرحلة تنظيم كأس العالم 2030.
وشدد على أن هذه المرحلة تتطلب ضبطًا محكمًا للعملية الانتخابية، وإصلاحًا جذريًا لآليات إنتاج النخب السياسية، حتى تكون “حكومة المونديال” حكومة كفاءة وشرعية حقيقية، قادرة على رفع التحديات الاستراتيجية المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى