شهادة طبية وإعفاء محتمل بعد السبعين.. تعديل قانون الترجمان المحلف يثير الجدل

فاطمة الزهراء ايت ناصر

أثار تعديل بالمادة 41 من قانون 52.23 المتعلق بالترجمان المحلف نقاشاً ساخناً داخل أروقة البرلمان، سواء من حيث اشتراط الإدلاء بشهادة طبية سنوية بعد بلوغ سن السبعين، أو من حيث الجزاء المترتب عن عدم تقديمها.

وتنص المادة 41 على التالي “يتعين على كل ترجمان محلف عند بلوغه سبعين (70) سنة من  العمر، أن يدلي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من كل سنة بشهادة طبية صادرة عن مصالح الصحة العمومية، تثبت قدرته على الإستمرار  في ممارسة المهنة بصورة عادية، توجه إلى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل تحت إشراف الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف المختص، وذلك تحت طائلة إعفائه إذا لم يدل بها في الأجل المحدد، بعد توجيه إنذار إليه من قبل السلطة الحكومية المذكورة”

مصطفى ابراهيمي، عن حزب العدالة والتنمية، لم يُخفِ استغرابه من هذه المادة، متسائلًا بنبرة نقدية:
“ما هو تخوفكم، سيد الوزير، من وصول المترجم إلى سن السبعين؟ هل تعتقدون أنه سيُصاب بالخرف، وأن ترجمته ستكون غير دقيقة؟”
وأضاف:”هناك مهن أخطر بكثير من الترجمة ولا يُشترط فيها الإدلاء بشهادة طبية، مثل مهنة الطبيب الجراح. فحتى وإن بلغ الطبيب تسعين عامًا، فالقانون لا يُلزمه بتقديم شهادة طبية، طالما أن أداءه المهني سليم، وإذا ارتكب خطأً، فهناك آليات للمساءلة والعقاب.”

وأشار  الإبراهيمي إلى أن المترجمين ليسوا فوق المساءلة بدورهم، بل إنهم يخضعون للمحاسبة إن أخطأوا في مهامهم.
واقترح أن تكون المدة الزمنية بين كل شهادة طبية وأخرى أطول، قائلاً: “إذا كان لا بد من هذا الإجراء، فالأجدر أن يكون كل سنتين أو أكثر، بدل اشتراطه سنويًا، خاصة أن مهنة الترجمة لا تُعدّ من المهن التي تنطوي على مخاطر مباشرة أو آنية.”

كما قارن الخبير بين الترجمان المحلف وبين مسؤولين آخرين مثل الوزراء والبرلمانيين، قائلاً: “لم نسمع قط عن وزير أو برلماني أُلزم بشهادة طبية لمجرد تجاوزه السبعين، رغم أن هؤلاء يتحكمون في مصير البلاد والعباد.”

من جانبه، دافع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن المادة، موضحاً أن “الوزير يُراقب بشكل دائم من طرف نواب الأمة، ويحضر للمساءلة في البرلمان، ويُعاين أسبوعيًا، ولا يمكن أن يُصاب بالخرف أو الزهايمر دون أن يُكتشف ذلك”، في إشارة إلى الرقابة السياسية التي يخضع لها المسؤولون التنفيذيون.

واعترضت البرلمانية ربيعة بوجا عن حزب العدالة والتنمية، بشدة على الفقرة الأخيرة من المادة المتعلقة بالعقوبة، معتبرة أنها تقفز مباشرة إلى أقسى درجات العقوبة، دون احترام مبدأ التدرج في الجزاءات، وهو مبدأ قانوني أساسي.
وأكدت بوجا:”لماذا ننتقل مباشرة إلى الإعفاء؟ الأفضل أن ننطلق بإنذار أولي، ثم بعد ذلك يمكن التفكير في إجراءات أخرى في حال الاستمرار في المخالفة.”
وقدمت مقترحًا بديلاً لصياغة الفقرة ليصبح نصها:”تحت طائلة إنذاره من قبل السلطة الحكومية المذكورة إذا لم يُدلِ بها في الأجل المحدد”.
مبرزة أن عدم الإدلاء بالشهادة لا يعني بالضرورة وجود خلل صحي، وقد يكون الأمر فقط تأخرًا في الإجراءات أو الإيداع، ما يستوجب معاملة مرنة وتدريجية بدلًا من الحسم السريع بالإعفاء.

لكن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، رفض التعديل المقترح جملة وتفصيلًا، مؤكدًا أن التخوف مشروع حين يصل المترجم المحلف إلى السبعين من عمره، ولا يُدلي بشهادة تثبت سلامته الصحية.

وقال وهبي: “نحن لا نُعاقب مباشرة، بل نُعطي أجلًا، وإن تم تجاوزه، فالمسطرة تكون إدارية. ومع ذلك، فإن عدم تقديم الشهادة مؤشر على وجود خلل صحي، وربما عجز يمنع صاحبها من أداء مهمته بدقة، وهذا يستوجب الإعفاء.”

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى