شيات ل”إعلام تيفي”:”فرنسا تُجسد دعمها للحكم الذاتي باستثمارات مباشرة في الأقاليم الجنوبية المغربية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

في خطوة لافتة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية عميقة، بدأت فرنسا تُفعّل توجهًا جديدًا نحو الأقاليم الجنوبية المغربية من خلال ضخ استثمارات مباشرة في المنطقة. هذا التوجه لا ينفصل عن التحول الذي طرأ مؤخرًا على الموقف الفرنسي الرسمي، والذي اعتبر مقترح الحكم الذاتي إطارًا جديًا وواقعيًا لحل قضية الصحراء.

أكد المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية خالد الشيات أن الاستثمارات الفرنسية الأخيرة في الأقاليم الجنوبية المغربية تُعد تجسيدًا عمليًا لمرحلة جديدة في العلاقات المغربية-الفرنسية، لا سيما بعد الإعلان التاريخي لفرنسا باعتبار الحكم الذاتي هو الآلية الأساسية للحل السياسي النهائي في الصحراء المغربية.

ويعكس هذا تغيرًا نوعيًا في الموقف الفرنسي، حيث أوضح الشيات ل“إعلام تيفي” أن باريس لم تعد تنظر إلى الصحراء فقط من زاوية دبلوماسية، بل باتت تتعامل معها كجزء من السيادة المغربية، حاضراً ومستقبلاً، وهو ما يُترجم حاليًا في توجه استثماري واضح نحو هذه الأقاليم.

وحملت زيارة المدير العام التنفيذي لمجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية إلى الأقاليم الجنوبية المغربية رسائل قوية ومعبرة، عكست تحولًا لافتًا في التوجه الفرنسي نحو هذه المنطقة. فمن قلب مقر ولاية العيون، وخلال جولته التي شملت ميناء المدينة والمعهد الإفريقي للأبحاث في الفلاحة المستدامة، أعلن المسؤول الفرنسي عن خطة استثمارية مباشرة تشمل عدة قطاعات، بتمويلات تصل إلى 150 مليون يورو.

وكشف الشيات أن قيمة الاستثمارات المقدرة بـ150 مليون يورو، رغم أهميتها، تبقى متواضعة مقارنة مع الإمكانات الهائلة التي تتيحها البنية التحتية في الأقاليم الجنوبية. مشيرا إلى أن هذا الرقم يمكن اعتباره مجرد بداية في سياق رؤية استراتيجية فرنسية تعتبر هذه المناطق بوابة نحو الأسواق الإفريقية.

وأوضح المتحدث أن هناك قطاعات واعدة يمكن أن تشكل ركيزة لهذا التوجه، من بينها الصيد البحري، الفلاحة، الطاقات المتجددة والبديلة، معتبرًا أن هذه المجالات تشكل أدوات استراتيجية لفرنسا لولوج القارة الإفريقية من بوابة شراكة ندّية مع المغرب.

وأكد الشيات أن المغرب اليوم لا يسمح لأي طرف، مهما كانت مكانته، بالعودة إلى إفريقيا عبره بذات الأساليب التقليدية الاستعمارية، بل من خلال منطق التعاون المتوازن والمصالح المتبادلة.

وأشار إلى أن المغرب، رغم انفتاحه على هذا التوجه الفرنسي، يضعه في ميزان علاقاته الاستراتيجية مع قوى كبرى أخرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ما قد يدفعه إلى التريث والتأني في استقبال دخول فرنسي قوي إلى الأقاليم الجنوبية.

وختم الشيات تصريحه بالتأكيد على أن المسار المستقبلي لهذه العلاقات سيكون تصاعديًا، لكنه رهين بإنضاج فكرة متكاملة من الطرفين، تتماشى مع التوجهات المغربية المتعددة والمرتكزة على تنمية أقاليمه الجنوبية كمركز للتقاطع الجيو-اقتصادي نحو إفريقيا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى