عبد المجيد فنيش ل اعلام تيفي : الخطاب السياسي حاضر في توجيه مضامين المسلسلات المغربية

نجوى القاسمي
لم تعد متابعة المسلسلات الدرامية في المغرب مرتبطة بموسم محدد أو مناسبة خاصة مثل شهر رمضان، بل أصبحت عادة يومية ترافق المشاهد المغربي على مدار السنة. فقد تحولت هذه الأعمال إلى محتوى حاضر بقوة في الحياة اليومية للمغاربة، الذين باتوا يتابعونها عن كثب ويولونها اهتماما متزايدا لما تحمله من قضايا تمس واقعهم الاجتماعي وتثير في كثير من الأحيان نقاشات حول القيم والثوابت.
فبين مؤيد يرى فيها مرآة تعكس الواقع، ومعارض يتهمها بتهديد المنظومة القيمية للمجتمع، يتواصل الجدل حول ما بات يُوصف بـالجرأة المفرطة في طرح بعض القضايا الاجتماعية الحساسة.
مسلسل على غفلة يثير الجدل
من بين الأعمال التي أثارت انتقادات واسعة، يبرز مسلسل على غفلة، خاصة حلقته الثامنة والعشرون، والتي اعتبرها البعض دعوة غير مباشرة للتطبيع مع قضايا مثل الولادات غير الشرعية والأمهات العازبات، إلى جانب ما وصفوه بمحاولة تهميش مؤسسة الزواج. ويؤكد منتقدو هذا التوجه أن مثل هذه المسلسلات تسهم في تمرير سلوكيات دخيلة على المجتمع المغربي المحافظ، مستندين في ذلك إلى ما يعتبرونه انتهاكا لقيم دينية واجتماعية راسخة.
أوضح المخرج المسرحي والباحث في الفنون التراثية عبد المجيد فنيش في تصريح خص به موقع اعلام تيفي أن معالجة مثل هذه المواضيع في الدراما المغربية ليست جديدة، لكنها اليوم تقدم بأشكال مختلفة، تماشيا مع تطور السياقات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية.
وأشار فنيش إلى أن الثورة الرقمية الحالية أثرت بشكل كبير في طبيعة الإنتاجات الفنية، خاصة في ظل المنافسة الشرسة التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي على القنوات التلفزيونية التقليدية.
بين الواقع والنقل الدرامي
يرى فنيش أن إشكالية نقل الواقع إلى الشاشة تكمن في غياب الخط الفاصل بين تقديم صورة فوتوغرافية عن المجتمع، وبين توظيف الفن لطرح الأسئلة وتحفيز التفكير النقدي. ويطرح سؤالا مركزيا: هل يكفي مجرد نقل الواقع لصناعة دراما مجتمعية قوية؟ في السياق المغربي، يبدو أن تناول هذه المواضيع في الدراما يهدف إلى أكثر من مجرد التمثيل؛ فهناك سعي واضح لجذب المشاهد عبر طرح قضايا مثيرة للجدل، خصوصا تلك المرتبطة بالدين والثقافة.
إلى جانب الأبعاد الفنية، اكد عبد المجيد فنيش لا يمكن إغفال حضور الخطاب السياسي الذي يؤثر بشكل أو بآخر في توجهات هذه الأعمال الدرامية. فبعضها يُوظف لتوجيه الرأي العام أو حتى لتصفية حسابات بين تيارات فكرية متعارضة.
بين البحث عن التميز والوقوع في المبالغة
وفي خضم هذا السباق اوضح المخرج المسرحي والباحث في الفنون التراثية ان جذب الانتباه، في بعض هذه الإنتاجات لا تعتمد بالضرورة على الكفاءة الفنية أو الأدبية، بل أصبحت ترتكز على البحث عن التميز والجرأة في طرح المواضيع. وهنا يطرح فنيش تساؤلا حول شرعية الوسائل المستعملة للوصول إلى هذا التميز، فليست كل الطرق، في نظره، مقبولة من الناحية الفنية أو الأخلاقية.
يبقى الجدل قائما بين من يعتبر الدراما المغربية أداة ضرورية لكسر الطابوهات وتسليط الضوء على قضايا مسكوت عنها، وبين من يتخوف من أن تكون هذه الأعمال بوابة لتطبيع سلوكيات تتعارض مع قيم المجتمع المغربي
تظل الدراما مرآة تعكس، بوضوح أو بتوجيه، ملامح المجتمع المغربي في تحولاته العميقة