عبود: إصلاح منظومة تربية الدواجن رهين بقرارات شجاعة في مالية 2026

حسين العياشي
في مداخلةٍ لافتة خلال مائدةٍ مستديرة خُصِّصت للمقاولات الصغرى في سياق مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، قدّم محمد عبود، رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، تشخيصًا دقيقًا لوضع قطاع تربية الدواجن، مستندًا إلى معطيات قانونية وواقعية، ومقترحًا حزمة إجراءات عملية لتصحيح الاختلالات ودعم صمود المربّي الصغير والمتوسط.
كما أشاد في مستهل حديثه بالجهات المنظمة، مؤكدًا أنّ تربية الدجاج اللحم صُنِّفت ضمن الأنشطة الفلاحية بموجب المرسوم رقم 2-12-481 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 2012، وأنّ تعديل المادة 46 من المدونة العامة للضرائب لسنة 2021 كرس اعتبار هذا النشاط إنتاجًا فلاحيًا على غرار تربية الأبقار والأغنام، بما يتيح الاستفادة من النظام الجبائي الفلاحي وحوافزه.
ورغم هذا الإطار القانوني الداعم، سجّل عبود أنّ مربي الدجاج، خصوصًا من لا يتجاوز رقم معاملاتهم خمسة ملايين درهم، ما زالوا يواجهون صعوبات حقيقية في الكلفة والتمويل والتنافسية، ودعا وزارة المالية إلى توضيح كيفية تعاملها مع هذه الفئة منذ دخول التعديلات حيز التنفيذ، وإلى تقديم رؤية عملية لما سيكون عليه التعاطي معها في المرحلة المقبلة. كما انتقد ما اعتبره “حرمانًا مزمنًا” للمربّي الصغير والمتوسط من الامتيازات المرصودة منذ 2008 لصالح القطاع، وهي امتيازات ـ بحسب قوله ـ التهمتها الشركات الصناعية والتجارية بفعل الإقصاء والتجاهل.
وعرض رئيس الجمعية حزمة مقترحاتٍ ملموسة لتخفيض كلفة الإنتاج واستعادة التوازن التنافسي: مراجعة الرسوم الجمركية على كتاكيت دجاج اللحم (رمز التعريفة 0105119000)، وإعفاء الأعلاف المركبة عند الاستيراد من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة لفائدة المربي الصغير والمتوسط، وشطب الضريبة على القيمة المضافة المتراكمة على ديون هذه الفئة مقابل الأعلاف التي اقتنوها سابقًا، فضلًا عن إعفاء فوائد الديون البنكية المتراكمة منذ تعثّر “العقدة الأولى” للمخطط الأخضر سنة 2011 وإعادة جدولتها. ويؤكد عبود أن تنفيذ هذه الإجراءات من شأنه خفض الكلفة، وإعادة “المربّي الحقيقي” إلى دائرة الإنتاج، وخلق فرص عمل، بما ينعكس مباشرة على قدرة المستهلك المغربي الشرائية.
انتهت المداخلة بنداءٍ صريح إلى صانعي القرار لإدماج مطالب المربّين في الصياغة النهائية لمشروع قانون المالية 2026، وتحويل الاعتراف القانوني بكون تربية الدواجن نشاطًا فلاحياً إلى أثرٍ مالي وتمويلي وتنظيمي ملموس على الأرض. فالإرادة التشريعية ـ كما شدد ـ لن تبلغ غاياتها من دون سياسات تنفيذية منصفة تُعيد الثقة إلى حلقة الإنتاج الأكثر هشاشة، وتضمن للقطاع انطلاقة جديدة قوامها العدالة الجبائية وتوازن الكلفة وحماية الشغل في العالم القروي.
				



