عدم القدرة على السفر يوقف نبض الإنتاجية لدى الأفراد

تشير دراسة حديثة إلى أن 64% من المغاربة لن يتمكنوا من السفر خلال العطلة الصيفية الحالية. يعود هذا الانخفاض الكبير إلى تأثيرات الأزمة الاقتصادية، التي أدت إلى تقليص القدرة المالية للكثير من الأسر مما جعل الكثيرين يفضلون البقاء في منازلهم بدلاً من تحمل نفقات السفر.

أثر السفر على الصحة النفسية:

وفي هذا الصدد أفاد بوشعيب الباز متخصص في تحليل وعلاج الاضطرابات النفسة أن السفر وتغيير المكان يساعدان على راحة النفس وتحسين المزاج، حيث يعزز التغيير من التوازن الهرموني ويؤدي إلى تحسين الصحة النفسية، من خلال السفر أو تغيير البيئة، كما يمكن من تحسين التواصل وتعزيز السعادة العامة.

وأوضح المحلل النفسي أن انعدام السفر وعدم تغيير المكان أو قلة الخروج يمكن أن يكون له تأثير كبير على الصحة النفسية للإنسان، خاصةً على بنيته الانفعالية والجهاز العصبي، باعتبار هذه البنية أساس التوازن النفسي.

هذا التأثير يكون أكثر وضوحًا عند الأطفال في الفترة العمرية من 9 إلى 12 سنة، حيث قد يؤدي إلى مشكلات مثل التوتر والاضطراب العاطفي في مرحلة المراهقة.

وأردف المتحدث في تلريح لموقع “إعلام تيفي” أن السفر يُعدُّ من الأنشطة المهمة في الحياة العامة، حيث يُعتبر وسيلة للتغيير والتجديد، ويساعد على راحة النفس، ويعزز المزاج، ويسهم في تحسين التواصل. ذلك لأن التغيير يؤثر بشكل إيجابي على توازن الهرمونات، مما يساهم في تحقيق الصحة النفسية المتوازنة.

وأوضح الدكتور الباز أنه عند السفر أو تغيير البيئة، تتغير المناظر والأشكال المحيطة، مما يؤثر مباشرةً على إفراز الهرمونات المزاجية مثل الدوبامين والسيروتونين؛ هذا التأثير الإيجابي يعزز الرغبة في الأكل والخروج والإبداع، مما يساعد الإنسان على أن يكون متوازنًا ومستقرًا، ويشجع على الاقبال على الحياة. وبالتالي يساهم في النمو الانفعالي الطبيعي.

أزمات تحيل دون رفاهية النفس:

بالمقابل، إذا تعذر على الإنسان السفر، قد يحدث عنده تأثير سلبي على توازن الهرمونات المزاجية، مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب لدى بعض الأشخاص. هذه الحالة قد تستمر فترة طويلة، وتؤثر على المراهقين والبالغين على حد سواء. وفق الباز

وتكون الظروف المالية والأزمات الاقتصادية عائقًا أمام السفر والتغيير، مما يؤثر على قدرة الأسر على الاستفادة من هذه الفوائد، خاصة وأن الأسر المغربية تتباين في عاداتها المتعلقة بالسفر إلى ثلاث فئات رئيسية: الأولى هي الأسر التي تسافر بشكل دوري وتتمتع بقدرة مالية تسمح لها بالسفر عدة مرات خلال السنة، الفئة الثانية تشمل الأسر التي تسافر عادة خلال فصل الصيف فقط، بينما تعتمد الفئة الثالثة على الزيارات العائلية سواء في البوادي أو المدن الساحلية.

وسجل بوشعيب الباز أن هذه السنة بسبب تزامن مناسبات دينية متتالية والأزمة الاقتصادية، تأثرت جميع الأسر المغربية بشكل ملحوظ، الأزمة الاقتصادية أدت إلى نقص القدرة المالية على السفر، لدرجة أن بعض الأسر تجد صعوبة في تأمين حتى تذاكر السفر إلى البوادي أو المدن لزيارة العائلة في إطار تغيير الروتين اليومي.

إضافة إلى ذلك، أثرت موجة الجفاف على البلاد، مما تسبب في نقص إمدادات الخضروات في القرى والمداشر التي كانت في السابق تعتمد على اكتفائها الذاتي. اليوم، تضطر هذه المناطق لشراء جميع احتياجاتها من السوق، مما يجعلها غير قادرة على استقبال العائلات القادمة من المدن بشكل مريح حتى في المدن الكبرى، تزداد الصعوبة في استقبال العائلات القادمة من المناطق الريفية، مما يخلق معادلة صعبة الحل لكل من الأسر التي تستضيف والأسر التي تزور.

انخفاض المردودية نتيجة عدم القدرة على السفر

وأكد المحلل النفسي أن الجهاز العصبي والهرموني يعدان أساسًا للصحة النفسية، وأي خلل فيهما يمكن أن يؤثر سلبًا على الحالة النفسية للإنسان، في حالة عدم قدرة الأفراد على السفر، قد يتعرضون لعدم توازن الهرمونات المزاجية، مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب، والتي قد تستمر فترة طويلة، خاصةً عند المراهقين والبالغين.

وكشف أن فعالية ومردودية الأفراد تقل نتيجة انخفاض إفراز الهرمونات المزاجية التي تعزز الشعور بالراحة والسعادة، لذلك، من الضروري أن يجد الآباء بدائل للسفر للتخفيف من خطر الاكتئاب المزمن، لأن عدم معالجة هذا الأمر قد يؤثر سلبًا على الإبداع والعطاء والإنتاجية، وقد يؤدي إلى ظهور أعراض الانحراف والجنوح.

وبالتالي، فمن المتوقع أن تتأثر المردودية في العام المقبل بشكل ملحوظ. قد نلاحظ ارتفاعًا في نسبة العنف المدرسي في المدارس والثانويات العمومية، بسبب الضغوط النفسية وعدم الاستقرار العاطفي الذي يعاني منه التلاميذ نتيجة نقص الأنشطة الترفيهية مثل السفر.

ولتفادي هذه التأثيرات السلبية الناتجة عن عدم قدرت الأسر على السفر، أفاد المتحدث أن هناك بعض الأسر في الدار البيضاء قد تبنت حلولًا بديلة للتعويض عن قلة السفر خلال هذه الفترة، على سبيل المثال، يعتمدون على المشي في منطقة مارينا وينظمون جلسات عائلية على الشواطئ، بالإضافة إلى قضاء الوقت في الحدائق العامة، مشيرا إلى أنه يمكن أن توفر هذه الفضاءات الترفيه والراحة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 9 سنوات، ولكن بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، قد تكون هذه الحلول أقل فعالية.

خاصة في ظل غياب بعض الحلول البديلة الأخرى، مثل المخيمات ودور الشباب، التي تأثرت أيضًا بالأزمة الاقتصادية، مما يقلل من قدرتها على تقديم الأنشطة والبرامج التي كانت توفرها سابقًا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى