عماري ل”إعلام تيفي”: ظروف احتجاز مئات المغاربة بالجزائر “لا تليق بالكرامة الإنسانية” والوضع “جد حرج”

زوجال قاسم
عاد ملف المواطنين المغاربة المحتجزين في الجزائر ليسلط الضوء مجدداً على معاناة إنسانية صامتة، تتشابك فيها الأبعاد القانونية والاجتماعية في ظل وضع إقليمي معقد، نتيجة التقلبات الجيوسياسية.
وعلى خلفية ترحيل فوج جديد من المواطنين المغاربة وسط هذا الأسبوع بعد انقضاء مدة محكوميتهم، تجدد الحديث عن ما يعيشه مئات المغاربة خلف الحدود، وأن الأرقام الرسمية للمفرج عنهم، لا تمثل سوى “غيض من فيض” في قضية إنسانية لا تزال تفاصيلها الكاملة طي الكتمان.
وفي هذا الصدد، أكد حسن عماري، رئيس الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، أن وضعية مئات المواطنين المغاربة المحتجزين في السجون الجزائرية “تثير قلقاً بالغاً”، مشيراً إلى أن ملفاتهم تتضمن تعقيدات إنسانية وقانونية تتطلب تدخلاً عاجلاً.
وفي تصريح ل” إعلام تيفي”، أوضح عماري أن عملية ترحيل فوج يضم 21 مواطناً مغربياً، الأربعاء 22 أكتوبر، بعد انتهاء مدة محكوميتهم، ليست حدثاً معزولاً، بل تندرج ضمن “سلسلة من الدفعات” التي تتابعها الجمعية عن كثب منذ أزيد من ثلاث سنوات، حيث تساهم في تسهيل عودة العشرات من المفرج عنهم سواء عبر الحدود البرية أو من خلال رحلات جوية عبر تونس.
أزيد من 560 ملفاً ووضعيات إنسانية متنوعة
وكشف الفاعل الجمعوي أن الجمعية تتابع حالياً أزيد من 560 ملفاً لمواطنين مغاربة محتجزين، مصنفاً إياهم إلى ثلاث فئات رئيسية، حيث تشمل الفئة الأولى المهاجرين الذين كانوا يعبرون التراب الجزائري في طريقهم إلى أوروبا، والثانية تضم حرفيين وعمالاً مغاربة وجدوا أنفسهم ضحايا لتطبيق القانون الجزائري رقم 08/11.
أما الفئة الثالثة، فهم مغاربة مقيمون فوق التراب الجزائري، انتهت صلاحية وثائق إقامتهم، ومن بينهم حالات لمواطنين متزوجين من جزائريات أو العكس، يواجهون صعوبات في تجديد أوراقهم، حسب المتحدث ذاته.
ظروف احتجاز لا تليق بالكرامة الإنسانية
وفيما يتعلق بظروف احتجاج المغاربة فوق الأراضي الجزائرية، شدد عماري على أن ظروف احتجاز هؤلاء المواطنين تبعث على القلق، حيث “لا يتم تطبيق القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، المعروفة بـ’قواعد نيلسون مانديلا'”، مشيرا، إلى وجود خروقات تتعلق بالحق في الرعاية الطبية، وظروف النظافة، بالإضافة إلى صعوبة أو انعدام التواصل مع عائلاتهم في المغرب.
وأبرز أن الجمعية تعمل كـ”صوت من لا صوت لهم”، حيث تنقل معاناة هؤلاء المحتجزين وعائلاتهم إلى مختلف المنابر الوطنية والدولية، بما في ذلك المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمؤسسات الحكومية المغربية، بالإضافة إلى هيئات دولية كالأمم المتحدة في جنيف والمجلس الأوروبي ومنتديات دولية في مرسيليا ومدريد وبروكسل.
تحديات قانونية تزيد من تفاقم الأزمة
وعلى مستوى التدابير القانونية، المتعلقة بنقل المواطنين المغاربة من الحزائر إلى التراب الوطني، لفت عماري الانتباه إلى ظاهرة لجوء بعض المحتجزين إلى استخدام أسماء مستعارة خوفاً من التبعات، مما يخلق مأزقاً قانونياً إضافياً.
فعند عملية الترحيل، يتطلب الأمر الكشف عن هويتهم الحقيقية، وهو ما قد يعرضهم للمحاكمة مجدداً بتهم “الإدلاء بمعلومات مغلوطة”، وقد تصل مدة عقوبة هذه التهمة إلى سنة إضافية، وهو ما اعتبره الفاعل الحقوقي تحدي قانوني يواجهه جمعيته عند ترحيل المهاجرين المغاربة إلى الأراضي المغربية.
وأكد أن نطاق عمل الجمعية لا يقتصر على الجزائر، بل يمتد ليشمل متابعة ملفات المفقودين والمسجونين في ليبيا، وعلى امتداد طرق الهجرة في المتوسط والأطلسي، وصولاً إلى “طريق البلقان” عبر تركيا واليونان، حيث يواجه المهاجرون المغاربة أوضاعاً كارثية.
وأشار عماري في ختام تصريحه ل“إعلام تيفي”، أن أن الجمعية، رغم إمكانياتها المحدودة، تواصل حمل “هم هذا الملف الإنساني” والوقوف إلى جانب العائلات المكلومة، من خلال تنظيم لقاءات مباشرة معها في مختلف مدن المملكة، من جرادة ووجدة إلى بني ملال والرباط، بهدف تقديم الدعم وتنسيق الجهود للمطالبة بإنصاف أبنائها وضمان عودتهم إلى أرض الوطن.
وبذلك، يظل ملف المحتجزين المغاربة في الجزائر فصلاً مفتوحاً على معاناة إنسانية متشعبة، حيث تتداخل الأبعاد القانونية مع التوترات الإقليمية، ليبقى مصير مئات الأفراد والأسر معلقا، على أمل عودة أبنائهم إلى أرض الوطن





