عنبي ل”إعلام تيفي”: “ليلة القدر في المغرب تجسد روح التضامن الاجتماعي وتعزز القيم الروحية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

تعد ليلة القدر في المغرب مناسبة فريدة تميزت بتقاليد وعادات عريقة يعكف المغاربة على الاحتفال بها، ويجعلونها ليلة مفعمة بالروحانية والفرح. ففي ليلة السابع والعشرين من رمضان، يتجسد الفرح الجماعي في مختلف المدن والقرى المغربية، حيث يتنقل الناس من الأسواق المزدحمة التي تُزين بمنتجات متنوعة، مثل الفواكه الجافة والخضروات الطازجة، استعدادًا لتحضير وجبات عشاء تقليدية.

وتستعد الأسر المغربية لهذه الليلة منذ الصباح، بتجهيز كافة المستلزمات التي تشهدها الموائد المغربية. ويحرص الجميع على إرتداء الملابس التقليدية، مثل الجلباب والسلهام والبلغة.

في هذا الصدد أكد الاستاذ الباحث في علم الإجتماع عبد الرحيم عنبي أن ليلة القدر في المجتمع المغربي تتميز بروح التضامن الاجتماعي، حيث يُقبل المغاربة بشكل كبير على المساجد، وتزداد نسبة الإقبال على صلاة التراويح والدعاء.

وأعتبر الباحث في تصريح  ل”إعلام تيفي” أن ليلة القدر فرصة للتواصل الروحي والاجتماعي بين الأفراد، خاصة على مستوى العائلات والجيران الذين يتبادلون التهاني ويجتمعون للاحتفال بمظاهر مختلفة.

وفيما يتعلق بالعادات الاجتماعية، كشف الباحث عن أن هناك اهتماماً خاصاً بالأطفال الذين سيصومون لأول مرة، حيث يتم الاحتفال بهم من خلال نقوش الحناء وارتداء الملابس التقليدية. وأوضح عبد الرحيم عنبي أن هذه الطقوس تعكس الارتباط بالهوية الثقافية المغربية، وأن الاحتفال بالجيل الجديد هو تعبير عن تقدير المجتمع لأهمية التربية الدينية وتعزيز القيم الروحية لدى الأطفال. كما أكد أن هذه الاحتفالات لا تقتصر على الجانب الروحي فقط، بل هي فرصة لتعميق الانتماء الاجتماعي والثقافي.

وتعتبر صلاة التراويح في المساجد من أبرز طقوس هذه الليلة، حيث يتزين النساء والرجال بأجمل جلابيبهم ، ويطهروا أجسادهم بالعطور الفاخرة من المسك والعود، ومعهم أطفالهم الذين صاموا كالكبار طوال اليوم.تمتلئ المساجد بالمصلين الذين يملأون الأجواء بتلاوة القرآن الكريم، وتصدح الحناجر بأصوات التلاوة.

عند انتهاء صلاة التراويح، يتوجه المصلون إلى منازلهم حيث يكون الطبق الرئيسي هو “الكسكس”، الذي يُعد بأفضل المكونات مثل اللحم أو الدجاج مع خضروات طازجة من الجزر واللفت والقرع. يتفنن المغاربة في تحضير هذا الطبق الشهي الذي يتصدر الموائد في مختلف مناطق البلاد.

أما في بعض المناطق، فيفضل البعض إعداد طبق “الرفيسة” الذي يتكون من الدجاج و”الرغيف” المغربي المسمى ب “المسمن”، بالإضافة إلى البصل والعدس مزينا بالبيض والثمر والفواكه الجافة.

ليلة القدر في المغرب ليست مجرد مناسبة دينية، بل هي مزيج من العبادة والاحتفال، حيث تتجسد فيها الروح المغربية بعمقها وتاريخها. من الصلاة في المساجد إلى تحضير الأطباق التقليدية، يظل الاحتفال بهذه الليلة يشكل تجربة روحانية واجتماعية استثنائية تجمع العائلات والمجتمعات المغربية على قيم من الترابط والاحتفاء بالعادات الأصيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى