عنق الجبل من إعادة الهيكلة إلى التهجير.. من يدفع ثمن التراجع؟

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكّد أحد المتضررين من ساكنة دوار عنق الجبل بسلا أن ما تعيشه الأسر اليوم يمثل خيبة أمل كبرى، بعدما كان الحي مبرمجاً في إطار اتفاقية التنمية الحضرية لسنة 2014، بميزانية وصلت إلى 23.6 مليون درهم، هدفها تأهيل البنية التحتية وتحسين ظروف العيش، دون المساس باستقرار الساكنة أو التفكير في ترحيلها.
وكشف المتحدث ل”إعلام تيفي” أن الساكنة تجاوبت مع المشروع بشكل كامل، حيث أدت الرسوم وحصلت على الرخص القانونية، كما استثمرت العديد من الأسر مدخراتها في تحسين مساكنها، استناداً إلى وعود رسمية واضحة بدمج الحي في النسيج الحضري. غير أن المفاجأة كانت صادمة حين تحوّل الملف من إعادة الهيكلة إلى إعادة الإيواء، وهو ما يعني عملياً تهجير الأسر وتصنيف منازلها المرخّصة ضمن المساكن الصفيحية.
وأوضح المتضرر أن عملية الهدم تمت بشكل مفاجئ، حيث أُبلغت الأسر بالقرار ولم يمض سوى أربعة أيام حتى انطلقت الجرافات. مضيفا أن لجنة زارت الحي قبل الهدم وأكدت للساكنة أنها ستوفر لهم جميع الوثائق الإدارية اللازمة، لكن بعد الهدم طُلب منهم أداء 25 ألف درهم كمصاريف مركزية للموثق من أجل تثبيت بقع أرضية، وهي بقع يتشارك فيها شخصان (أسرتان) في قطعة واحدة.
وأشار المصدر ذاته إلى أن عملية الترحيل نُفذت نحو منطقة بوقنادل، وهي منطقة معزولة لا تتوفر على شروط العيش الأساسية: لا ماء ولا كهرباء عند الاستقرار الأول، ولا مؤسسات تعليمية كافية، حيث يضطر التلاميذ إلى التنقل لمسافات طويلة لمتابعة دراستهم، ما دفع بعض الأسر إلى الكراء في أحياء بسيطة بمدينة القرية بسلا لتفادي انقطاع أبنائها عن الدراسة. الكراء، بحسبه، يصل إلى 2500 درهم شهرياً، وهو ما أجبر نساء كثيرات على الخروج للعمل لتغطية المصاريف الثقيلة.
وأكد المتضرر أن المنطقة الجديدة لا تضم سوى سوق أسبوعي واحد، ولا تصلها لا الحافلات ولا سيارات الأجرة، مما عمّق عزلة السكان وزاد من معاناتهم اليومية. أما فيما يخص البقع الأرضية الموعودة، فأوضح أن 22 شطراً مبرمجة لم يُجهّز منها سوى 5 فقط، رغم الكم الكبير من الشكايات التي قُدمت دون أي تجاوب من الجهات المعنية.
وأشار إلى عنق الجبل، الذي كان يفترض أن يكون نموذجاً في إدماج الأحياء الهامشية، تحوّل إلى رمز لارتباك السياسات العمومية وتناقض القرارات، ليبقى مصير مئات الأسر معلقاً بين وعود لم تُنفذ، وواقع يفرض تهجيراً قسرياً لا يجد له المتضررون تفسيراً سوى غياب الشفافية والمساءلة.





