فاس تستغيث: مستودع الأموات بمركز الغساني بين الإهمال وامتهان الكرامة

حسين العياشي
وجّه فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب سؤالاً كتابياً إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، طالب فيه بتدخل عاجل لإصلاح الوضع “المزرِي” لمستودع الأموات التابع للمركز الاستشفائي الغساني بفاس، معتبراً أن ما آل إليه هذا المرفق “مخجل” ولا ينسجم مع مكانة المؤسسة كإحدى أبرز البنيات الصحية بالجهة، ولا مع رمزية مدينة عريقة مثل فاس.
السؤال، الذي وقّعته النائبة البرلمانية خديجة حجوبي، انطلق من معطى أساسي: المستودع المعني هو الوحيد من نوعه في المدينة، ويستقبل يومياً جثامين قادمة من المستشفيات العمومية والخاصة، بل ومن أقاليم مجاورة أيضاً. هذا التدفق المستمر، وفق الفريق البرلماني، فاق الطاقة الاستيعابية للمرفق بكثير، فتكشّفت اختلالات في التجهيز والوسائل الأساسية لحفظ الجثث في شروط إنسانية وصحية لائقة.
وتشير المراسلة إلى أن النقص في المعدات وتردي ظروف الحفظ يضاعفان من معاناة الأسر المكلومة التي تجد نفسها مضطرة للانتظار في ظروف قاسية من أجل تسلّم جثامين ذويها. كما ترى أن استمرار هذا الوضع يَمسّ بكرامة المتوفين ويجرح مشاعر ذويهم، في الوقت الذي يفترض فيه أن يشكّل المستودع نموذجاً لحكامة التدبير في مرفق عمومي شديد الحساسية.
وأثار الفريق أسئلة حارّة حول طريقة إدارة هذه الفضاءات ومنظومة الحكامة المؤطرة لها، مؤكداً أن الصورة الحالية لا تليق بمؤسسة ينبغي أن تكون مرجعاً في جودة الخدمات. ومن هذا المنطلق، طالب الوزير بالكشف عن الإجراءات المستعجلة المزمع اتخاذها لتأهيل مستودعات الأموات، لا سيما التابعة للمركز الاستشفائي الغساني، وتجهيزها بما يلزم لضمان أداء مهامها وفق المعايير الصحية والإنسانية المعمول بها.
كما دعا إلى تبنّي مقاربة جديدة في تدبير هذه المرافق تراعي كرامة الموتى وتخفف عبء الانتظار والمعاناة عن الأسر، عبر تأهيل البنية التحتية وتوفير الأطر البشرية المؤهلة والوسائل التقنية الكافية، بما يضمن خدمة محترمة وسلسة في أصعب اللحظات الإنسانية.
وفي الوقت ذاته، لم يُغفل السؤال الإشادة بجهود الطاقم الإداري والتمريضي بالمستشفى في تلبية الحاجيات العلاجية المتزايدة، لكنه شدد على أن واقع مستودع الأموات يسيء إلى صورة المرفق الصحي العمومي ويعكس خللاً في ترتيب الأولويات، خاصة مع تنامي شكاوى المواطنين من ضيق الفضاء المخصص للحفظ وسوء شروطه. وبين التنويه بما يُبذل من مجهودات والدعوة إلى إصلاح ملموس، يضع الفريق البرلماني الكرة في ملعب الوزارة أملاً في معالجة عاجلة تحفظ للميت حرمته وللأحياء حقهم في خدمة عمومية تليق بهم.





