فتحي في”محقق الشعب”: تأزيم الوضع منذ بدايته خلق أفواجا من طلبة الطب الغاضبين”
إعلام تيفي
ما زالت أزمة طلبة الطب تطفو على السطح وتستحوذ على النقاش العام، خاصة بعد التدخلات الأمنية الأخيرة التي فضت اعتصامات ومظاهرات الطلبة. هذه الأحداث تبرز الاحتقان المتزايد في صفوف الطلبة نتيجة تجاهل مطالبهم المشروعة.
في هذا الصدد أعرب فتحي محمد أمين ، المنسق الوطني للجنة طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، عن أسفه الشديد للتدخل الأمني الذي فض اعتصامًا ليليًا نظمه طلبة الطب بالرباط ليلة الخميس. وأكد ياسين أن اللجنة بذلت جهودًا لأكثر من تسعة أشهر لتجنب الوصول إلى هذه الحالة من الاحتقان، مشيرًا إلى أنهم حاولوا طرق جميع الأبواب للحصول على حقوقهم، وهو ما يزيد من شعورهم بالأسف على الوضع الحالي.
جذور الملف
أكد المنسق الوطني أن هذا الملف ليس جديدًا، بل إن جذوره تعود إلى عام 2015. حيث تم إدخال تغييرات هيكلية على تكوين الأطباء، حيث يتعلق السلك الأول بالمحتوى النظري، بينما يتم التركيز على الجانب النظري والتطبيقي في السنوات الثالثة والرابعة والخامسة من خلال التداريب الاستشفائية.
وفي السلك الثالث، يتم التركيز على التدابير الاستشفائية بدوام كامل، حيث تُجرى التدريبات في المستشفيات الجامعية في السنة السادسة، وفي المستشفيات الإقليمية والجهوية في السنة السابعة، قبل أن يتخصص الطالب.
شملت إعادة الهيكلة السلكين الأول والثاني، بينما ظل السلك الثالث معلقًا. وفي عام 2019، تم التوصل إلى اتفاق مع الطلبة ينص على العمل على السلك الثالث والبث فيه بحلول عام 2023. وأضاف المتحدث أنه في أواخر 2023، دعا الطلبة إلى حوار يهدف إلى مقاربة تشاركية، استنادًا إلى ما ورد في محضر الاتفاق مع الوزارة الوصية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حيث تم الاستجابة والجلوس على طاولة النقاش.
وأكد المتحدث أنه قبل أن يقرر الطلبة النزول إلى الشارع وخوض الاحتجاجات، طالبوا أكثر من مرة بحوار جاد لمناقشة جميع النقاط التي يتضمنها ملفهم المطلبي منذ عام 2021، إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل.
مطالب الطلبة
اليوم، بعد نحو عشرة أشهر من الاحتجاجات، لم يتمكن الطلبة من الحصول على حل مع القطاع الوصي على التكوين، مما دفعهم إلى النضال من أجل تحقيق مطالبهم العادلة، التي تركز على تحسين ظروف التكوين بشقيه النظري والتطبيقي. وأوضح فتحي أن هذا المطلب حظي بتجاوب من الحكومة من خلال توفير أرضية مناسبة للتداريب الاستشفائية.
وتابع أنه في لحظة حدث خلل عندما قامت الوزارة برفع عدد الطلبة المقبولين في كليات الطب دون توفير التوسع الكافي في البنية التحتية والأراضي الاستشفائية، مما أدى إلى الاكتظاظ في الكليات، وهو ما قد يؤثر سلبًا على جودة التكوين.
وأكد محمد فتحي أمين أن تخفيض سنوات التكوين لم يُطرح خلال الاجتماعات مع وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة، مما فاجأ الطلبة عند العثور على معلومات حول هذا الأمر في رسائل موجهة إلى رؤساء الجامعات، تشير إلى نية الوزارة تخفيض سنوات التكوين وزيادة عدد الأطباء المتخرجين.
تساءل الطلبة عن أسباب هذا التعديل، وجاء رد الوزارة بأنه يخص فقط تخصص طب العائلة. بعد ذلك، قامت اللجنة بالتشاور مع الطلبة من خلال تنظيم ندوات وموائد مستديرة وحلقات نقاش للإحاطة بالموضوع من جميع جوانبه.
وخلال الاجتماعات مع الحكومة في سنة 2022، تبين أنها لم تُرسِ أي قواعد واضحة بشأن النموذج الذي ستعتمده في طب العائلة، حيث ظلت متأرجحة بين اعتماد نموذج غربي أو غيره. حتى أنه بعد ذلك، لم يعد هناك نقاش حول تخصص طب العائلة، بل أصبح النقاش يدور حول تخفيض مدة التكوين لست سنوات دون مبرر، مما يعكس تراجع الحكومة عن معالجة هذه القضية بشكل جاد. هذه الحالة من الإغفال تعزز الشعور بالاستياء بين الطلبة، الذين يرون أن مستقبلهم الأكاديمي والمهني يتأثر بقرارات غير مدروسة
بداية المقاطعة المفتوحة
أوضح فتحي محمد أمين أن مجموعة من القرارات الفجائية للوزارة فيما يخص تكوين الطالب متأرجحة، مما جعل الطالب في حيرة من أمره، حيث يرى أن مستقبله ضبابي بالنظر إلى غياب الجدية الحكومية في تنزيل قراراتها.
وأبرز أنه منذ 2021 حتى 2023، كان من المفترض طرح هذه القرارات للنقاش في إطار مقاربة تشاركية، لكن الطالب لا يزال ينتظر جوابًا واضحًا، مما دفعهم للاحتجاج لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور.
وفي أولى خطوات البرنامج النضالي قرر الطلبة الاحتجاج داخل الكليات، إلا أن العمداء ورؤساء الكليات قاموا بطردهم خارجها، مما جعلهم في مواجهة مباشرة مع السلطات، خاصة أن الوزارة الوصية لم تحرك ساكنًا في بداية المقاطعة، مما أدى إلى ارتفاع عدد المحتجين في كل مرة أكثر من السابقة.
ما يحدث اليوم من مواجهات بين الطلبة والأجهزة الأمنية يعكس احتقانًا متزايدًا نتيجة تجاهل الحكومة لمطالبهم. رغم أهمية القضايا المطروحة، اختارت الحكومة التعامل مع الوضع بلامبالاة، مما زاد من تفاقم الأزمة.
يرى الطلبة أن مقترحات الحكومة غير واضحة وتفتقر إلى الموضوعية، مما دفعهم للاحتجاج. هذه المواجهات تكشف عن حاجة ملحّة لحوار جاد وفعّال بين جميع الأطراف لإيجاد حلول واقعية، بدلاً من أن تعتبر الحكومة الطلبة الرافضين لمقترحاتها أعداء للوطن، وهو ما يعد مغالطات تُطعن في كرامتهم.
مثل هذه التصرفات قد تدفع الطلبة للهجرة، مما يفاقم أزمة نقص الأطباء في البلاد. وبالتالي تكون الحكومة قد تسببت في أزمة إنسانية نتيجة انعدام المسؤولية في معالجة تبعات قراراتها غير المدروسة.
خلص فتحي في حواره مع الصحفي أشرف بلمودن في برنامج “محقق الشعب” إلى أن الحكومة لم تستجب لمقترحات اللجنة، مما يعكس تعنتًا واضحًا في التعامل مع مطالب الطلبة. وأوضح أن يد اللجنة كانت دائمًا ممدودة للحوار، لكن الحكومة تصدها، مما يزيد من شعور الاستياء لدى الطلبة ويعزز من حدة الاحتقان. وأكد أن الوضع يتطلب حوارًا فعّالًا وشفافًا لإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف.