فضيحة جديدة.. المرصد المغربي يحذر من شركات تستغل العمل الخيري للتهرب من الضريبة

حسين العياشي

أعرب المرصد المغربي لحماية المستهلك عن بالغ قلقه تجاه التطورات الأخيرة التي تشهدها قضية التبرعات والهبات المصرح بها من قبل بعض الشركات. وتزايدت المخاوف من احتمال استغلال هذه التبرعات كغطاء للتهرب الضريبي، من خلال تضخيم قيم المساعدات المقدمة لجمعيات المجتمع المدني أو الإعلان عن تبرعات غير مطابقة للواقع.

وحذر المرصد من أن هذه الممارسات تضر بشكل مباشر بمبدأ العدالة الجبائية، الذي ينص عليه الدستور المغربي في فصله 39، الذي يقر بأن “الجميع يتحمل، كلٌ حسب قدرته، التكاليف العمومية بطريقة منصفة”. واعتبر المرصد أن هذه الأفعال تشكل خرقًا واضحًا لأحكام المدونة العامة للضرائب، حيث تجرّم هذه الأخيرة تقديم بيانات غير صحيحة أو فواتير مزوّرة بهدف الحصول على امتيازات ضريبية غير مشروعة. وتشير المادتان 192 و210 من المدونة إلى العقوبات الجبائية المفروضة على مثل هذه الأفعال، ووجوب تقديم الوثائق المحاسباتية الدقيقة لتجنب الغش.

وأبرز المرصد أن تضخيم الفواتير أو تقديم “تبرعات صورية” يعد نوعًا من التحايل الذي لا يضر فقط بالخزينة العامة، بل يشوش أيضًا على عمل الجمعيات الجادة التي تعتمد على دعم شفاف وواقعي. وأضاف أن هذه الممارسات تؤدي إلى تقويض ثقافة التضامن، وتفقد المواطنين الثقة في مسار العمل الخيري، مما يؤثر سلبًا على المجتمع ككل.

في هذا السياق، ثمّن المرصد الجهود المبذولة من قبل المصالح المختصة في تفعيل آليات الرقابة الجبائية، بما فيها استخدام قواعد البيانات وتحليل المخاطر، استنادًا إلى المادتين 211 و214 من المدونة العامة للضرائب. حيث تمنح هذه المواد الإدارة الضريبية الحق في التدقيق في حسابات الشركات ومراجعة البيانات المتاحة للتأكد من مطابقة التبرعات المصرح بها مع الوثائق الفعلية.

وأكد المرصد على ضرورة تعزيز إطار تنظيم التبرعات التي تستفيد من الامتيازات الضريبية، من خلال إلزام الشركات والجمعيات بتقديم مستندات دقيقة وقانونية. وتشمل هذه المستندات الفواتير المحينة وفقًا لقانون الفوترة 53.20، محاضر التسليم الفعلية، والاتفاقيات الموقعة، بالإضافة إلى البيانات المحاسباتية القابلة للتدقيق. كما دعا إلى إدراج هذه المعلومات في السجل الوطني للجمعيات وفقًا للقانون 18.18، لضمان الشفافية وتتبع مسار الموارد.

وفي الختام، شدد المرصد على ضرورة تشديد العقوبات على كل من يقدم بيانات تبرعات غير صحيحة بهدف الاستفادة من خصومات ضريبية. وينبغي أن تتماشى هذه العقوبات مع أحكام المادة 192، التي تنص على فرض غرامات مالية وعقوبات إضافية في حالات الغش أو التصريحات غير الصحيحة.

ودعا المرصد جميع الشركات المانحة والمستفيدين من الامتيازات الجبائية إلى الالتزام بالقانون، والإفصاح الدقيق عن جميع العمليات، من أجل الحفاظ على مناخ الثقة بين الدولة والفاعلين الاقتصاديين، وصون مصداقية العمل التضامني الذي يشكل أحد الأعمدة الأساسية للتماسك الاجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى