فضيحة عقارية تهز جماعة طنجة: حي “رياض أهلا” ضحية تواطؤ المال والسلطة؟

حسين العياشي
يعيش حي “رياض أهلا” بمدينة طنجة، أحد أكبر التجزئات السكنية من حيث المساحة، على وقع فضيحة جديدة، تفوح منها رائحة التواطؤ بين المال والسلطة، على حساب المواطن.
في ملف مطلبي أبان عن مدى جدية والي جهة طنجة، يونس التازي، الذي تفاعل ايجابا مع تظلمات الساكنة، بخلاف رئيس جماعة طنجة، منير ليموري، الذي أغلق جميع أبوابه ونوافذه في وجه مواطنين حرموا من جميع المرافق العمومية الأساسية. في مشهد ألفناه مع مسؤولين كبرت عليهم كراسي المسؤولية.
ونظرا للإقصاء والتهميش الممنهج، الذي طال ساكنة هذا الحي، والذين سحبت منهم جميع المرافق المدرجة ضمن دفاتر التحملات، التي قدمتها الشركة العقارية أثناء عرضها للمشروع السكني. قدمت الساكنة طلبات متكررة بعقد لقاء مع رئيس جماعة طنجة، من اجل عرض ملفهم المطلبي وتظلماتهم، لكن منير ليموري رئيس المجلس الجماعي بطنجة، أبى أن يجيبهم ولو حتى بالرفض. في ضرب واضح للأهداف التي من أجلها منحت له أصوات الناخبين، في مقدمتها خدمت المواطن.
وحسب المعطيات التي أدلى بها عبد المنعم أفلاح، رئيس “جمعية حي رياض أهلا للتنمية والبيئة والرياضة والثقافة”، ل “إعلام تيفي“، فإن الملف يتعلق بواحدة من كبريات التجزئات المتواجدة بطنجة. وهي تجزئة “رياض أهلا”، يعود تسليم الشطرين الاول والثاني لسنة 2004.
ويتعلق جوهر المشكل بعدم احترام ما جاء به دفتر تحملات هذه الأشطر وكذا التي بنيت وسلمت من بعدها، حيث كانت تتضمن عدد كبيرا من المرافق العمومية، في مقدمتها مدرسة عمومية، مستوصف، ملعب القرب، دار للشباب، وملحقة إدارية..
لم يكتب لهذه المرافق بأن ترى النور. بفعل التلاعبات التي طالتها، حسب جمعية رياض أهلا للتنمية والبيئة والرياضة والثقافة، إذ تم تفويتها بطريقة ما إلى الخواص، مما أدى الى حرمان ساكنة الحي من أبسط حقوقهم الأساسية.
وعلى عكس ما تم الاتفاق عليه اثناء عملية البيع والشراء. فالمدرسة التي كان سيستفيد منها عامة أبناء الحي أصبحت خصوصية، وبنائها أوشك على الانتهاء.
الأمر نفسه ينطبق على المستوصف، بل وهناك مرافق تم تغييرها كما هو الحال بالنسبة للمرفق الرياضي، الذي بنيت من فوقه بناية. بل وحتى المرفق العام الذي كان مخصصا لدار الشباب ، غيروه الى مصحة خاصة. وحسب تصريح أفلاح رئيس الجمعية، فإن جميع المرافق فوتت للخواص، باستثناء أربعة لاتزال في انتظار صاحب الحقيبة الذي سيظفر بها.
إن اختفاء هذه المرافق العمومية لم يكن محض صدفة، بل تم بفعل تلاعبات واضحة وممنهجة، وذلك من خلال عرقلة جل المحاولات الهادفة إلى احداث المرافق العمومية بالمنطقة، الى ان تتجاوز أجل عشر سنوات ليتم تغيير إطارها القانوني وتفويتها للخواص، بحكم أن الدولة لم تستغل البقعة الارضية، مما يعطيهم امكانية تحويلها إلى مشاريع خاصة.
وفي نفس السياق، أكد رئيس الجمعية، أن المشكل ليس وليد اليوم، بل يعود إلى عدم تسليم العقار بشكل نهائي من طرف الشركة العقارية المالكة منذ 2003، وهو ما شكل عائقًا أمام تفعيل المرافق العمومية المنصوص عليها. المفارقة أن أغلب المرافق لا تزال تحت اسم الشركة، رغم مرور أكثر من عقدين على التسليم المؤقت، في خرق واضح لمقتضيات القانون.
وفي الوقت الذي قوبلت فيه هذه المطالب بالتجاهل من طرف رئيس جماعة طنجة منير ليموري، بادر والي جهة طنجة تطوان الحسيمة للتدخل، خلال زيارة ميدانية مفاجئة، أنعش آمال السكان، بعدما أبدى اهتمامه بالملف، وأمر بإخلاء ملعب القرب وبدء أشغال تهيأته بحضور مهندس الولاية، غير أن الشركة العقارية سارعت إلى تقديم اعتراض لدى الولاية بحجة أن العقار لا يزال في ملكيتها، مما أعاد الملف إلى نقطة الصفر.
ووسط انسداد آفاق التفاعل الجدي مع الموضوع، أكدت الجمعية أنها سلكت جميع المساطر القانونية، ووجهت رسائل مفتوحة إلى الجهات الوصية، وفي مقدمتها وزارة الداخلية، مطالبة بالتدخل العاجل لوقف نزيف تفويت المرافق العمومية وتحقيق العدالة الترابية.
وفي حالة استمرار ما يعتبرونه اقصاء وتهميشا، أعلنت ساكنة الحي استعدادها لتنظيم وقفات احتجاجية سلمية، في محاولة للفت انتباه الرأي العام والمسؤولين إلى معاناتهم، التي تبدو أنها أصبح عنوانًا لفضيحة جديدة في سجل التلاعب بالمصلحة العامة لصالح لوبيات المال والعقار.