فيدرالية اليسار تقدم مقترحاتها: من التسجيل التلقائي إلى خصم الدعم على الأحزاب الفاسدة

حسين العياشي
أطلقت فيدرالية اليسار الديمقراطي مذكرة إصلاحية، تضم عشرين مقترحًا لإعادة صياغة قواعد العملية الانتخابية في المغرب، في مقدمة هذه المقترحات، برز مطلب إحداث هيئة مستقلة تتولى الإشراف الكامل على الانتخابات وتدبير جميع مراحلها، في خطوة تعتبرها الفيدرالية شرطًا أساسيا لبناء الثقة وضمان حياد العملية، على غرار ما هو معمول به في دول ديمقراطية عديدة. كما دعت المذكرة إلى اعتماد دائرة انتخابية وطنية موحدة، كتحول نوعي في فلسفة الاقتراع، مع تمكين مغاربة العالم من حق الترشح والتصويت في دوائر خاصة بهم، بالاعتماد على البطاقة الوطنية كوثيقة أساسية لممارسة الحق الانتخابي.
في ما يخص محاربة الفساد السياسي والمالي، جاءت المذكرة بجرأة لافتة، مقترحة إصلاح نظام تمويل الأحزاب وربطه بالأداء والنزاهة. وأكدت على ضرورة إقرار آلية خصم نسبة مئوية من الدعم العمومي عن أي حزب يثبت تورط أحد منتخبيه في قضايا فساد أو اتجار بالمخدرات، معتبرة أن هذه الصيغة من شأنها ردع الممارسات غير المشروعة وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
أما في شق تعزيز الشفافية، فقد أوصت الفيدرالية بـتثبيت كاميرات في مكاتب التصويت، وتجريم إدخال الهواتف والأجهزة الإلكترونية إليها، ومنع الموظفين الجماعيين من ترؤسها، إلى جانب تقليص عدد المكاتب في المدن الكبرى. كما طالبت بتشديد العقوبات ضد الممارسات المشبوهة، وإلزام رؤساء المكاتب بإظهار أوراق الاقتراع للمراقبين الحاضرين والاحتفاظ بها إلى حين البت النهائي في الطعون.
ولتشجيع المشاركة الشعبية، وضعت المذكرة الشباب والمجتمع المدني في صلب أولوياتها، مقترحة أن يُحدد يوم الاقتراع في يوم أحد خارج العطل المدرسية لتسهيل التصويت، مع تقليص مدة الحملة الانتخابية إلى 21 يومًا لضمان تركيز الرسائل وترشيد النفقات. كما دعت إلى تعميم إشعار الناخبين بأماكن التصويت عبر مختلف الوسائل، وفتح الإعلام العمومي والخاص أمام جميع الأحزاب بشكل متكافئ، من خلال مناظرات وحوارات مباشرة.
مذكرة فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي عُرضت في ندوة صحفية بمقرها بالدار البيضاء يوم الأربعاء 3 شتنبر 2025، تعكس رؤية متكاملة لإصلاح المنظومة الانتخابية، تجمع بين الجوانب التقنية والقانونية والتنظيمية، في أفق إعادة الاعتبار للعملية الديمقراطية وجعلها أداة فعلية للتغيير السياسي. غير أن السؤال المطروح يبقى: هل سيتجاوب باقي الفاعلين السياسيين مع هذه المقترحات الجريئة، أم ستظل مجرد طموحات مؤجلة تنتظر إرادة إصلاحية أوسع؟




