فيطح تحرج وزارة الصحة بسبب انقطاع دواء حيوي ينقذ الأرواح

حسين العياشي

عاد شبح انقطاع الأدوية الحيوية ليخيم من جديد على المشهد الصحي بالمغرب، بعد أن وجّهت النائبة البرلمانية قلوب فيطح عن حزب الأصالة والمعاصرة سؤالاً كتابياً إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، مطالبة بتدخل عاجل لإنهاء أزمة دواء “سوماتوستاتين”، الخاص بتنظيم نشاط الغدد الصماء، والذي اختفى بشكل تام من الصيدليات والمستشفيات، العمومية منها والخاصة.

دواء واحد فقط، لكنه أساسي في العمليات الجراحية الدقيقة والمعقدة، خصوصاً المرتبطة بالجهاز الهضمي. غيابه لم يكن مجرد خلل في سلسلة التوريد، بل أزمة حقيقية مست حياة المرضى وأدخل العديد من الأسر في دوامة البحث واليأس. كثيرون اضطروا لإجراء عمليات جراحية في غياب هذا الدواء الحيوي، بعد أن فشلوا في العثور عليه داخل البلاد أو حتى خارجها، لتصبح حياة ذويهم رهينة مضاعفات خطيرة، وحقهم في العلاج معلّقاً على رفّ الإهمال الإداري.

البرلمانية فيطح لم تكتف بالتنبيه، بل دعت الوزير إلى اتخاذ إجراءات فورية واستباقية لتأمين تزويد المؤسسات الصحية والصيدليات المغربية بهذا الدواء، مؤكدة أن استمرار هذه الأزمة لا يمكن تبريره بأي حال، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأدوية تنقذ الأرواح.

لكن هذه الصرخة الجديدة ليست الأولى. فهي تعيد إلى الواجهة التحذيرات المتكررة لجمعيات حماية المستهلك، التي نبهت منذ أشهر إلى اختفاء أكثر من 600 صنف دوائي من السوق الوطنية، من بينها أدوية حيوية لمرضى السكري والسرطان وارتفاع الضغط وأمراض القلب والأعصاب.

وفي يونيو الماضي، أصدرت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بياناً شديد اللهجة، اعتبرت فيه أن هذا الوضع يعكس هشاشة المنظومة الدوائية في المغرب وضعف آليات اليقظة والتخطيط، محمّلة وزارة الصحة مسؤولية ضمان استمرارية التزويد بالأدوية الحيوية. كما طالبت بفتح تحقيق عاجل في أسباب هذا النقص المتكرر، الذي بات يرهق المرضى ويدفعهم إلى التنقل بين الصيدليات في رحلة يومية بحثاً عن علاج مفقود.

أزمة الدواء في المغرب لم تعد حادثاً عابراً، بل أصبحت عرضاً مزمناً يكشف عمق الاختلال في تدبير قطاع حساس يرتبط مباشرة بالحق في الحياة. وبين صمت المؤسسات وتفاقم معاناة المرضى، يظل السؤال معلقاً: من يتحمل مسؤولية هذا العجز المتكرر؟ والأهم، متى يجد المرضى دواءهم قبل أن يفوت الأوان؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى