قرارات متأخرة تكشف عجز جماعة أكادير في تدبير أزمة اختناق الشوارع

حسين العياشي

لا يكاد صيف يمر على مدينة أكادير دون أن تتحول شوارعها إلى مسرح لاختناقات مرورية خانقة، تجعل تنقل السكان والزوار أقرب إلى مغامرة يومية. طوابير ممتدة من السيارات، صعوبة بالغة في الوصول إلى الشاطئ، واستنزاف لرجال الأمن الذين يجدون أنفسهم وحيدين في مواجهة وضع استثنائي تغيب عنه رؤية استباقية واضحة من المجلس الجماعي الذي يرأسه عزيز أخنوش.

المفارقة أن لجنة السير والجولان لم تتحرك هذا العام إلا بعد انقضاء العطلة الصيفية وعودة أغلب المصطافين إلى مدنهم، في خطوة متأخرة أفرغت التدابير من مضمونها. مشهد يتكرر ويؤكد أن التدبير الجماعي، ما زال محكوماً بالارتجال وردود الأفعال بدل التخطيط الاستباقي.

كان المنتظر أن تُعقد اجتماعات اللجنة منذ يونيو، وأن تُتخذ إجراءات عملية لتخفيف الضغط في ذروة الموسم السياحي: إعادة فتح بعض المحاور في الاتجاهين، تنظيم حركة المرور بشكل عقلاني، أو وضع خطة طوارئ مرورية. غير أن ما حدث هو ترك المدينة تغرق في الفوضى المرورية، تاركة المواطنين والسياح يواجهون معاناة يومية، بينما انشغل المجلس بحساباته السياسية أكثر من انشغاله بمصالح الساكنة.

وتتجلى الأزمة أيضاً في الطريقة التي تُدار بها أوراش تهيئة الطرق، إذ انطلقت الأشغال بشكل متزامن في محاور متعددة، فحوّلت أكادير إلى ورش مفتوح دون تنسيق أو رؤية، ما جعل المرور في بعض الشوارع مهمة شبه مستحيلة، خصوصاً خلال ذروة الموسم.

الضغط الهائل لم ينهك السكان والزوار فقط، بل انعكس كذلك على رجال الأمن الذين اضطروا للتواجد في كل مدار طرقي تقريباً، معتمدين حلولاً ترقيعية كتسييج بعض المسالك الحديدية للتخفيف من الاختناق، في مشهد يفضح غياب استراتيجية جماعية واضحة.

في اجتماعها الأخير، خرجت اللجنة ببعض القرارات التي ستُعرض على المجلس في دورة أكتوبر، من قبيل تمكين سيارات الأجرة من ولوج ممر “توادا” في الاتجاهين، تخصيص مواقف إضافية للأشخاص في وضعية إعاقة، ومنع مرور الشاحنات الثقيلة وسط المدينة. ورغم إيجابية هذه المقترحات، فإنها تبقى مجرد ردود أفعال متأخرة، كان يمكن أن تصنع فرقاً ملموساً لو اتُّخذت قبل أشهر، أي في الوقت المناسب.

هكذا، يتأكد مرة أخرى أن أزمة أكادير المرورية ليست قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لغياب التخطيط الجيد، ولذهنية التدبير العاجل التي تُبقي الساكنة والزوار رهائن فوضى موسمية تتكرر كل صيف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى