قرار جماعة أكادير بإغلاق المحلات يثير الجدل وهيئة حقوقية تتدخل

حسين العياشي
في أعقاب القرار الصادر عن جماعة أكادير والقاضي بإغلاق المحلات التجارية عند الساعة الواحدة صباحًا، وما أثاره من جدل واسع في الأوساط الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، تابعت الهيئة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة الموضوع بقلق بالغ، معتبرة أن هذا القرار بما يحمله من آثار مباشرة على شريحة واسعة من التجار والعاملين في القطاع، يستوجب وقفة مسؤولة ومراجعة متأنية تراعي التوازن بين متطلبات التنظيم الحضري واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكفولة دستورياً.
وقد رصدت الهيئة عبر مكاتبها المحلية تذمّر عدد من المتضررين من القرار، ممن يعتمدون على النشاط الليلي في تأمين قوتهم اليومي، مؤكدة أن مثل هذه القرارات لا ينبغي أن تُتخذ بمعزل عن دراسة شمولية للواقع الميداني أو دون إشراك فعلي للهيئات المهنية والاقتصادية والحقوقية ذات الصلة. فالحق في العمل وفي ممارسة النشاط التجاري المشروع جزء لا يتجزأ من الحقوق الأساسية التي تضمنها المواثيق الوطنية والدولية، ولا يمكن الحدّ منها إلا بما ينسجم مع روح القانون ومبدأ التناسب بين المصلحة العامة والحقوق الفردية.
وفي هذا السياق، وجهت الهيئة ملتمسًا رسميًا إلى الجهات المعنية دعت فيه إلى مراجعة القرار وإعادة النظر في تطبيقه بما يحقق العدالة ويصون الكرامة، معتبرة أن الغاية من التنظيم لا ينبغي أن تتحول إلى وسيلة للتقييد أو التضييق على المواطنين. وشددت على أن العدالة الإدارية تقتضي دراسة الأثر الاجتماعي والاقتصادي لكل إجراء قبل اتخاذه، ضمانًا لتوازن يحقق السكينة العامة دون الإضرار بمصالح الناس أو تهديد استقرارهم المهني.
وأكدت الهيئة أن الانعكاسات السلبية المحتملة لمثل هذا القرار قد تمتد إلى فئات متعددة من المجتمع، ليس فقط من التجار، بل أيضًا من العاملين في المقاهي والمطاعم وقطاعات الخدمات الليلية التي تشكّل جزءًا من الدينامية الاقتصادية والسياحية لمدينة أكادير. ومن ثمّ، فإن معالجة هذه الإشكالية تستوجب حوارًا مفتوحًا ومسؤولًا يجمع بين مختلف المتدخلين، بحثًا عن حلول بديلة تُراعي المصلحة العامة وتحافظ على التوازن بين متطلبات الأمن والسكينة وبين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
كما نوّهت الهيئة بروح التعاون التي تبديها السلطات المحلية في كثير من الملفات، داعية إلى تعزيز هذه المقاربة التشاركية في تدبير الشأن العام المحلي، انسجامًا مع المبادئ الدستورية للحكامة الجيدة والديمقراطية التشاركية. فصوت المواطن، في نظر الهيئة، يجب أن يُسمع قبل اتخاذ القرارات التي تمسّ حياته اليومية ومصدر رزقه.
وختمت الهيئة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة بيانها بالتأكيد على ثقتها في حكمة السلطات المختصة وقدرتها على مراجعة القرار بما يحقق المصلحة العامة ويحفظ حقوق المواطنين، مجددة التزامها بمواصلة الدفاع عن قيم العدالة والإنصاف وسيادة القانون، سائلة الله أن يحفظ الوطن وأهله، وأن يديم عليه نعمة الأمن والاستقرار والعدل.





