قضية مجموعة الخير تدخل في منعطف جديد

حسين العياشي: صحافي متدرب

ألقت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية القبض على زعيمة “مجموعة الخير” وزوجها يوم الأحد 22 شتنبر 2024 في محطة القطار بطنجة، وذلك بعد فرار دام لأشهر، على إثر واقعة الاحتيال التي شهدتها مدينة طنجة، والتي تعتبر واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في تاريخ المملكة.

وكشفت التحقيقات حول “مجموعة الخير” عن عملية هرمية ضخمة استهدفت ما يقرب ألف ضحية، وجمعت أكثر من 720 مليون درهم.

بدأت هذه الأحداث في فبراير 2022، وتورطت فيها نساء بدأن الترويج لفكرة (TONTINE) عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تحولت إلى ما يشبه شبكة هرمية على طريقة “برني مادوف”، أكبر محتال في القرن الحادي والعشرين.

حيث أطلقت ثلاث نساء من طنجة، حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تروج لنظام “التونتين”، وهو نظام ادخار جماعي يهدف إلى تجميع الأموال وإعادة توزيعها على المشاركين، تحت شعار “مجموعة الخير”، التي ادّعت أنها مؤسسة رسمية ومرخصة، استهدف أصحاب الفكرة بشكل رئيسي النساء العاملات من الطبقات الفقيرة، مثل العاملات في المصانع والخادمات، واعدين إياهن بعوائد مالية ضخمة تصل إلى 10,000 درهم مقابل إيداع 1,800 درهم فقط خلال ستة أشهر.

إلا أن هذا النظام لم يكن سوى خدعة هرمية (Ponzi scheme) حيث كانت الأرباح الأولى تُدفع من أموال المشاركين الجدد، وهو ما أدى إلى توسع الشبكة بسرعة وجمع الملايين، وبعد زيادة الطلب، قدّمت “مجموعة الخير” عروضًا جديدة،  كوديعة بـ 12,600 درهم مثلا، مقابل عوائد تصل إلى 30,000 درهم خلال أسابيع قليلة، ما زاد من عدد المشاركين بسرعة كبيرة.

ومع تصاعد الأرباح وتزايد عدد المشاركين، اندلعت خلافات داخل “مجموعة الخير”، خاصة بين زعيمة المجموعة “يسرى” وبقية العضوات المؤسِسات، مما أدى إلى توقف توزيع الأرباح فجأة في شتنبر 2023، ثم تفجرت بعد ذلك الشكوك و وضعت أولى الشكايات ضد المجموعة، قدّمتها مجموعة من النساء المتضررات.

في تجوبها مع الشكايات المقدمة، فتحت السلطات تحقيقًا شاملاً تحت إشراف “الفرقة الوطنية للشرطة القضائية”، حيث تم استقبال مئات الشكايات من الضحايا، ما أدى إلى فتح ملف قضائي ضخم، حيث أسفرت التحقيقات عن اعتقال 19 شخصًا حتى الآن، بتهم تتعلق بالاحتيال، إساءة الأمانة، جمع أموال من الجمهور دون ترخيص، ودعوة غير قانونية للتبرعات.

وقد أكدت السلطات أن عدد المتورطين قد يصل إلى 100 شخص، بينهم من تلقوا مبالغ ضخمة وأعادوا توزيعها.

تُعد هذه الواقعة أكبر عملية احتيال في تاريخ المغرب، وتُظهر كيف يمكن للنظم المالية غير الرسمية أن تستغل الفئات الضعيفة، ومع استمرار التحقيقات، تبقى هذه القضية تذكيرًا بضرورة الحذر من العروض الاستثمارية غير المرخصة والتي تعد بأرباح غير واقعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى