قطاع التعليم.. تحديات مطروحة وسياسات هشة

 

خديجة بنيس: صحافية متدربة

جدَّد المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية التعبير عن انشغاله الكبير بتحديات وصعوبات الدخول التعليمي 2024-2025، عقب اجتماعه الدوري يوم الثلاثاء 03 شتنبر 2024.

في هذا السياق، يؤكد الحزب على ضرورة المضي قُدُماً في إصلاح المدرسة العمومية لتحقيق الجودة وتكافؤ الفرص، مع التركيز على تحسين أوضاع أسرة التعليم وإرساء “مؤسسات الريادة” وتوسيع تجربتها في أفق التعميم. كما يُطالب الحكومة بالشروع الفعلي في إصلاح البرامج والمناهج وفق التوجهات التحديثية التي أقرها القانون الإطار.

ويثير الحزب انتباه الحكومة إلى تعمُّق معاناة الأسر المغربية التي يرتاد أبناؤها مؤسسات التعليم الخصوصي، غالباً تحت ضغط الإكراهات الناتجة عن المدرسة العمومية. ومن مظاهر هذه المعاناة فوضى الأسعار، وفرض رسوم تسجيل وتأمين فاحشة واعتباطية، وفرض كتب ومقررات دراسية مستوردة وغير موحدة ومرتفعة السعر بشكل مهول. ويطالب الحزب الحكومة بالتدخل الحازم لضبط وتنظيم ممارسات التعليم الخصوصي، وعدم التملص من تحمل هذه المسؤولية تحت أي ذريعة كانت، طالما أن الأمر يتعلق بخدمة عمومية حيوية.

وتجدر الإشارة إلى أن تحديات التعليم برزت حتى قبل بداية الموسم الدراسي الجديد، الأمر الذي دفع بالجمعيات الحقوقية والمهتمين بهذا الشأن إلى تنبيه الحكومة إلى ضرورة التدخل لتفادي تكرار سيناريو السنة الفارطة.

فقد ظهرت تحديات تتعلق بجودة التعليم، حيث صرح الخبراء بأن الوزارة لا تأخذ بعين الاعتبار تحسين جودة التعليم في سياستها، لا سيما في ظل غياب الكوادر التعليمية سواء بسبب الاحتجاجات في السنوات الماضية وهذه السنة بسبب المشاركة في عملية الإحصاء كما أن القطاع يعاني نقص غير مسبوق في  الأطر الإدارية بالمؤسسات التعليمية لأن الوزارة  لم تعلن عن مباراة الدخول لسلك تكوين أطر الإدارة التربوية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.

كما تبرز أزمة أساتذة الزنزانة 10 الذين ما زالوا يطالبون بحقهم في الترقية، إضافة إلى صعوبة الظروف المهنية للعديد من الأساتذة، خاصة في المناطق النائية، مما يهدد حق المتعلم في الدراسة في ظل غياب أبسط الظروف المواتية للتعلم في العديد من المدارس في القرى النائية بالمغرب العميق.

كما أن الوزارة تُظهِر عدم اهتمام بمتابعة وتنظيم مؤسسات التعليم الخصوصي، مما يترك الآباء في مواجهة مباشرة مع سياسات وأسعار هذه المؤسسات دون إشراف أو تنظيم كافٍ.

هذه المشكلات ليست وليدة اليوم بل إنها تجدرت منذ سنوات، حيث تنضاف أزمة جديدة كل عام تعمق من أزمة قطاع التعليم. الوزارة الوصية غائبة في استجابتها لمتطلبات شغيلتها ودعوات نواب الأمة وكذا نداءات الخبراء والمحللين والمجتمع المدني، وزارة شكيب بن موسى تبدو تائهة وغائبة عن الحوار، حيث لا تتفاعل مع تحديات القطاع وكأن الأمر خارج حساباتها.

وفي إطار عملية رصد وتحليل المعطيات المتعلقة بتوزيع الأسئلة الكتابية على القطاعات الحكومية خلال السنة الثالثة من الولاية التشريعية الحالية، قامت جمعية سمسم – مشاركة مواطنة بدراسة شاملة تبرز التباين في الاهتمام بالقطاعات المختلفة.

فقد كانت الأسئلة الموجهة إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة من بين الأكثر تكراراً، مما يعكس الاهتمام الكبير الذي يوليه النواب لقضايا هذا القطاع، ويأتي هذا الاهتمام في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها التعليم في المغرب، مثل جودة التعليم، نقص الموارد البشرية، وتحديث المناهج الدراسية.

ويظهر تقرير الجمعية تحت عنوان “الحصيلة الرقابية لعمل مجلس النواب خلال السنة الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة 2021-2026″، أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قد أجابت عن 78.81% من الأسئلة الكتابية المطروحة عليها. ورغم هذا التجاوب داخل المؤسسة التشريعية، إلا أن هذه الاستجابة لم تُترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.

الوضع في المدارس والمؤسسات التعليمية العمومية لم يشهد تحسناً ملحوظاً، مما يبرز الحاجة إلى خطوات عملية وإصلاحات ملموسة لتحسين جودة التعليم وظروف العمل.

رغم البلاغات التي تصدرها الوزارة، تستمر مشاكل هامة في الظهور. على سبيل المثال، لا يزال هناك ارتفاع في نسب الهدر المدرسي، حيث بلغ معدل العنف المدرسي 25.3%. كما أظهرت التقارير أن نسبة التلاميذ المتمكنين من التعلمات الأساسية في التعليم الابتدائي (القراءة والكتابة والحساب) لا تتجاوز 30%، وهي نسبة ضعيفة تعكس ضعف جودة التعليم. قد تكون هذه النسبة قد ارتفعت أو لم تتغير بشكل ملحوظ في ظل الاحتجاجات المستمرة التي شهدها القطاع في السنوات الأخيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى