كارثة بيئية تعيد شبح التلوث إلى الواجهة بالمحمدية

حسين العياشي

اهتزت مدينة المحمدية، يوم الأحد 10 غشت الجاري، على وقع كارثة بيئية جديدة تجسدت في نفوق أعداد كبيرة من الأسماك بوادي انفيفيخ، قُبيل مصبه بشاطئ “صابليت”، في مشهد صادم يعيد إلى الأذهان فواجع مماثلة شهدها المكان ذاته خلال السنوات الأخيرة، دون أن تكشف أسبابها لحدود الساعة.

المكتب الإقليمي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، فرع المحمدية، سارع إلى دق ناقوس الخطر، مطالباً في مراسلة رسمية لعامل الإقليم، بفتح تحقيق عاجل وشفاف حول حقيقة ما يجري، متسائلاً عمّا إذا كان الوادي قد تحول إلى “مكب للمياه العادمة”. الجمعية شددت أيضاً على ضرورة إطلاع الرأي العام المحلي والوطني على الإجراءات المتخذة للحد من هذه الظاهرة والكشف عن أسبابها الحقيقية.

محمد رزقاوي، رئيس المكتب الإقليمي للجمعية، أكد أن “الأسباب لا تزال مجهولة، غير أن المؤشرات توحي بوجود علاقة مباشرة مع قنوات الصرف الصحي التي تصب بالقرب من مصب الوادي”، مشدداً على أن ما يحدث “ليس تغيراً مناخياً بريئاً، بل عبث ممنهج بالطبيعة وتلاعب غير أخلاقي يهدد التوازن البيئي والحياة المائية”.

من جهته، اعتبر سحيم محمد السحايمي، رئيس جمعية زهور للبيئة والتنمية المستدامة بالمحمدية، أن هذه المأساة تتكرر تقريباً كل سنة مع بداية فصل الصيف، وأن غياب تدخل جدي من المسؤولين يجعلها مستمرة. وأضاف أن “الحل يكمن في تحقيقات ميدانية علمية تحدد بدقة مصادر التلوث، بدل الاكتفاء باستنتاجات المجتمع المدني”.

ولم تتوقف ردود الفعل عند الهيئات المدنية، إذ وجه فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب سؤالاً كتابياً إلى وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بخصوص تدهور الوضع البيئي بجماعة بني يخلف التي يمر منها وادي انفيفيخ، رغم موقعها الاستراتيجي القريب من ورش بناء ملعب الحسن الثاني المرتقب أن يكون من أكبر الملاعب عالمياً.

السؤال البرلماني اعتبر أن الواقع “يعاكس كل التطلعات”، مشيراً إلى “ضعف البنيات التحتية البيئية، خاصة قنوات الصرف الصحي، وغياب الاستثمار في الغطاء الغابوي الذي يزخر به الواديان (انفيفيخ والمالح)، مقابل انتشار مهول للنفايات والروائح الكريهة على امتداد مناطق الجماعة”.

وسط هذا الوضع المقلق، يتساءل المواطنون والمهتمون بالشأن البيئي: هل تتحرك لجان الرقابة والسلطات الوصية لوقف هذا النزيف البيئي قبل فوات الأوان؟ أم أن وادي انفيفيخ سيظل شاهداً على تلاعبات بيئية تدفع الأجيال القادمة ثمنها الباهظ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى