كريستيانو رونالدو في الوداد؟ إشاعة تحوّلت إلى درس عالمي في التسويق الرقمي

بشرى عطوشي
في سابقة فريدة من نوعها، أضاء اسم نادي الوداد الرياضي المغربي منصات التواصل الاجتماعي حول العالم، لا من خلال تتويج قاري أو صفقة كبرى، بل عبر إشاعة ذكية تَحولت إلى درس متكامل في فن التواصل الرقمي والتسويق الرياضي.
كل شيء بدأ بإشاعة…
انتشرت خلال ساعات قليلة أنباء مثيرة، نقلتها صحيفة ماركا الإسبانية واسعة الانتشار، مفادها أن كريستيانو رونالدو، النجم البرتغالي وأحد أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، قد يشارك في بعض المباريات مع نادي الوداد البيضاوي. لم تُرفق الإشاعة بأي دليل قاطع، لكنها كانت كافية لإشعال نقاش عالمي حول مصداقيتها وإمكانية حدوثها.
رد هادئ… وصورة واحدة
وفي خضم التفاعل المتسارع، جاء رد الوداد مختلفًا. لم ينفِ النادي الخبر، ولم يؤكده. بل اكتفى بنشر صورة لكرة، عليها علم البرتغال، عبر حسابه الرسمي على إنستغرام. لا نص، لا توضيح، لا شعار، فقط رمز بسيط أثار الفضول ودفع الجماهير والصحافة لتداول المحتوى على نطاق واسع.
هذه الحركة التواصلية البسيطة كانت كافية لتفجير التفاعل، إذ اعتمدت على تقنية “الفراغ الفضولي” (Curiosity Gap) التي تترك للجمهور مهمة ملء الفراغات وربط المعاني، ما يُولّد فضولاً وتفاعلاً أعلى بكثير من التصريحات الرسمية المباشرة.
نتائج مذهلة خلال 24 ساعة فقط
ما حدث بعد ذلك كان استثنائيًا. في ظرف يوم واحد فقط، حصد حساب الوداد على إنستغرام أكثر من 100 ألف متابع جديد، ليرتفع العدد من 2 مليون إلى 2.1 مليون متابع. ووصلت مشاهدات المحتوى ذاته إلى 5.2 مليون على المنصة، بينما حقق تفاعلًا مماثلًا على فيسبوك مع أكثر من 3.2 مليون مشاهدة.
الأهم من الأرقام هو أن اسم الوداد دخل بشكل مباشر في التريند العالمي، وظهر في تقارير رياضية من أوروبا إلى آسيا. كل هذا حدث دون أن ينشر النادي إعلانًا ممولًا أو يعقد صفقة فعلية.
ليس مجرد خبر… بل حملة عالمية غير معلنة
ما أنجزه الوداد لم يكن مجرد استغلال لإشاعة، بل كان بمثابة حملة تسويقية ذكية غير مباشرة، قادها النادي دون إنفاق يورو واحد، ودون الحاجة لتصديق رسمي. لقد استعرض النادي وعيًا رقميًا عاليًا، وقدرة على قراءة اللحظة واستثمارها بأقصى طاقاتها، مما جعله في موقع الريادة على مستوى التواصل الرقمي في المنطقة.
تأثير مباشر على العلامة التجارية والرعاة
هذا النوع من التفاعل الرقمي لا يمر مرور الكرام بالنسبة للشركات الراعية أو المهتمين بالاستثمار الرياضي. فقد أثبت الوداد أنه قادر على جذب انتباه جماهيري عالمي، وتحقيق وصول واسع النطاق بوسائل إبداعية منخفضة التكاليف. وهو ما يعزز من مكانة النادي التجارية، ويرفع من قيمته التسويقية على المستوى الدولي.
الكرة المغربية في الواجهة
علاوة على المكاسب الرقمية، فقد ساهمت هذه الإشاعة/الحركة في تسليط الضوء على الدوري المغربي وكرة القدم المحلية، ووضعتها مؤقتًا في قلب النقاش الكروي العالمي. وهو ما يُعد مكسبًا للمنظومة الكروية بأكملها، ويكشف عن إمكانات لم تُستثمر بعد بالشكل الأمثل.
ما بعد الإشاعة!!!
حتى وإن لم ينضم كريستيانو رونالدو فعليًا إلى الوداد، فإن النادي كسب معركة التواصل والانتشار. ما فعله هو ترجمة حرفية لمقولة: “ليس عليك أن تُعلن… لتُحدث تأثيرًا”. فقدّم للعالم درسًا متقدمًا في فن رواية القصص (Storytelling) الرقمي، وأثبت أن كرة القدم لم تعد تُلعب فقط داخل المستطيل الأخضر.