
زوجال قاسم
تمحورت المناقشات المتعلقة بمشروع قانون التعليم المدرسي في مجلس النواب حول العديد من النقاط الخلافية الجوهرية، التي كان أبرزها دور القطاع الخاص في التعليم وحجم الأرباح التي يحققها، بالإضافة إلى قضايا الشفافية ومراقبة الرسوم المقررة. وقد أسفرت هذه النقاشات عن رفض الحكومة، ممثلة في وزير التربية الوطنية، لمعظم التعديلات التي قدمتها فرق المعارضة، والتي سعت إلى فرض قيود على هوامش الربح والأسعار، استناداً إلى مبادئ التضامن وضرورة حماية المرفق العمومي.
في هذا السياق، أكد النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، سعيد بعزيز، على ضرورة “وضع حد لجشع بعض مؤسسات التعليم الخصوصي من خلال تسقيف الأرباح”. وأوضح أنه يجب توجيه الفائض الناتج عن هذا التسقيف إلى “صندوق دعم التعليم العمومي في المناطق الأكثر هشاشة”، انطلاقًا من مبدأ التضامن الذي ينص عليه دستور البلاد.
لكن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، أعلن عن رفض الحكومة لهذا التعديل، مبررًا ذلك بأن تحديد حد أقصى للأرباح التي يمكن لمؤسسات التعليم الخصوصي تحقيقها “يُعتبر مخالفًا لقواعد المنافسة كما هي منصوص عليها في التشريعات والتنظيمات المعمول بها”.
من جهة أخرى، تركزت الانتقادات على المادة 40 من مشروع القانون، التي اعتبرتها فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار، من “أخطر المواد”، حيث أنها تكرس “سيادة موازية” وتُمهد للتخلي التدريجي عن المرفق العمومي. وطالبت التامني بإعادة صياغة هذه المادة، بحيث يُعتبر التعليم الخصوصي “مكمّلاً اختيارياً” للمنظومة التعليمية، دون أن يحل محل التعليم العمومي أو ينافسه في أي من مهام الخدمة العمومية.
وشددت التامني على ضرورة التزام الدولة بضمان جودة ومجانية التعليم العمومي باعتباره المكون الأساسي والمرجعي للمنظومة التعليمية، ورفضت أن يتم إبرام أي شراكات أو صيغ تعاون مع التعليم الخصوصي قد تمس بمبدأ تكافؤ الفرص أو تؤدي إلى تحويل التعليم إلى سلعة تُعرض للبيع. في المقابل، رد الوزير برادة بأن التعديل غير مقبول لعدم انسجامه مع أحكام القانون الإطار المتعلقة بالتعليم، خاصة المواد 13 و14 و44.
وفي تعقيبها، رفضت التامني استخدام القانون الإطار كأداة لتقييد البرلمان، مؤكدة أن “من حق السلطة التشريعية أن تقدم التأويلات المناسبة، خصوصًا في قوانين تتعلق بقضايا أساسية مثل التعليم”. وأضافت أن التفويت للقطاع الخاص في هذا المجال أمر “خطير”، مشيرة إلى أن الدراسات الدولية تصنف المغرب من أولى الدول التي تشجع القطاع الخاص بشكل مفرط، وهو ما يؤكد الخضوع للمؤسسات المالية المانحة التي قد تعتبر التعليم مجالًا يمكن للدولة أن تتخلص منه تدريجيًا.
في تعديل ثالث متعلق بتنظيم القطاع الخاص، طالب سعيد بعزيز بالكشف عن دور الإدارة التعليمية، ممثلة في المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية، في تحديد الرسوم التي تفرضها مؤسسات التعليم الخاص، بما في ذلك رسوم التسجيل والتأمين والواجبات الشهرية. وأوضح أن الهدف من هذا التعديل هو “ضمان الاطلاع على هذه الأسعار” و”إعطاء دور للإدارة” في وضع حد للجشع، وتوفير أمل للطبقة المتوسطة في تعليم أبنائهم.
لكن الوزير برادة رفض هذا التعديل أيضًا، مؤكدًا أنه يتعارض مع قواعد المنافسة الحرة. وأشار إلى أن التعليم ليس “سلعة”، محذرًا من تحويل التلميذ إلى منتج يخضع لمنطق الأسعار والمنافسة التجارية.





