لشكر ينتقد التركيز المفرط للثروة ويدعو إلى دولة اجتماعية قوية

حسين العياشي
عبّر إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عن انتقاده الحاد للمناخ السياسي السائد في المغرب. حيث تطرق إلى ما أسماه بـ”التراكمات السلبية” التي تعيشها البلاد، محذراً من “التركيز المفرط للثروة في يد قلة قليلة”، معبراً عن قلقه العميق من اتساع الهوة بين المواطنين والمؤسسات، وهي فجوة تزيد من مشاعر الإحباط الاجتماعي وتُسهم في تفاقم الأزمات التي تواجهها شرائح واسعة من الشعب.
وبحسب رأيه، فإن الحركات الشبابية التي شهدها المغرب في الآونة الأخيرة ليست مجرد “صرخة غضب عابرة”، بل هي في جوهرها رسالة عميقة تعكس التوق المجتمعي إلى العدالة والتمثيل السياسي الحقيقي. هذه الظاهرة، بالنسبة لشكر، هي بمثابة إشارات تنبئ بضرورة إحداث تغيير جذري في بنية النظام السياسي والاجتماعي.
تحدث لشكر في خطابه مستحضراً أصداء الخطاب الملكي الأخير، مؤكداً على ضرورة عودة الأحزاب السياسية إلى دورها التاريخي في تأطير المجتمع وقيادته. ودعا إلى رفض مغريات الشعبوية، التي تُهدّد المسار الديمقراطي وتهمّش النقاش السياسي الجاد. كما لم يفوّت الفرصة لانتقاد النموذج الاقتصادي المغربي الذي، وفقاً له، يعتمد بشكل مفرط على آلية السوق والبُيروقراطية، معتبراً أن التنمية الاقتصادية غالباً ما تُختزل إلى أرقامٍ وتصنيفات دولية، لا تعكس الواقع المعاش للأغلبية العظمى من المواطنين.
واعتبر أنه يجب على المغرب أن يغير مسار التنمية الاقتصادية، ليعتمد على نموذج لا يقوم على تفاوتات جغرافية، بل على توزيع عادل للثروات، مع تعزيز قيمة العمل ودعم الاستثمارات الإنتاجية. كما شدّد على أن المغرب بحاجة إلى بناء “دولة اجتماعية قوية” لا تقتصر على مكافحة آثار الفقر فقط، بل يجب أن تركز على معالجة جذوره من خلال العدالة الضريبية، وتعزيز المشاركة الشعبية، وتطوير الديمقراطية على المستوى المحلي.
وبالرغم من ذلك، فقد أشاد بشكر بالمؤسسة الملكية، مُعتبرًا إياها “إطارًا لوحدة واستقرار البلاد”، لكنه أكد في الوقت ذاته على ضرورة الإقدام على إصلاح ديمقراطي شامل. وأشار إلى أهمية تعزيز الشفافية، وتنظيم المجال الرقمي، وزيادة مشاركة الشباب والنساء في الحياة السياسية. وفي هذا السياق، ذكر أن حزبه قدم إلى وزارة الداخلية مذكرة تتضمن مقترحات للإصلاح الانتخابي، مثل تخفيض سن التصويت إلى 18 عامًا، وإعادة هيكلة الدوائر الانتخابية، وتحقيق المساواة في التمثيل داخل البرلمان، فضلاً عن إنشاء هيئة وطنية مستقلة لتنظيم الشؤون الرقمية.
في ختام كلمته، شدّد لشكر على ضرورة تحديث الحزب ليواكب التحديات المعاصرة. كما دعا إلى أن يصبح حزب الاتحاد الاشتراكي حزبًا عصريًا، قادرًا على الدمج بين العمل الميداني والأدوات الرقمية، ومنفتحًا على المجتمع المدني. “نحن لا نسعى لتجميل الواقع، بل لتحويله”، هكذا ختم كلمته، وسط تصفيقات الحضور.