مؤسسة الوسيط تكشف عن اختلالات عميقة في علاقة المواطن بالإدارة وتدعو لإصلاح جذري

حسين العياشي
أصدرت مؤسسة وسيط المملكة تقريرها السنوي برسم سنة 2024، مسلطة الضوء على تحولات جوهرية في طبيعة العلاقة بين الإدارة والمواطن، وسط أرقام مقلقة بشأن ضعف التفاعل الإداري، وتزايد التظلمات، وغياب الإنصاف، خصوصا في قضايا ذات طابع إنساني واستعجالي.
التقرير الذي نُشر في العدد المكرر 7423 من الجريدة الرسمية، كشف عن تلقي المؤسسة لما مجموعه 7,942 ملفًا خلال السنة، من بينها 5,755 تظلما، أي ما نسبته 72,4% من مجموع الملفات. وأكدت المعطيات أن المواضيع ذات الطابع الإداري والمالي والعقاري استحوذت على 87% من مجمل القضايا المطروحة.
ومن أبرز ما توقف عنده التقرير، تسجيل اختلال بنيوي في العلاقة بين المرتفق والإدارة، يتمثل في تكرار التظلمات المرتبطة بعدم تنفيذ الأحكام القضائية، وغياب التفاعل الجدي مع شكايات المواطنين، مما يكرّس شعورا عاما بالحيف، ويدفع شريحة متزايدة من المواطنين إلى اللجوء لمؤسسة الوسيط كملاذ للإنصاف.
في المقابل، أظهر التقرير أن تمثيلية النساء ضمن طالبي الوساطة لا تزال ضعيفة، حيث لم تتجاوز نسبتهم 24,6%، ما يكشف، حسب التقرير، عن استمرار معيقات ثقافية واجتماعية تحول دون ولوج المرأة إلى آليات التظلم والحماية المؤسساتية.
ودعا التقرير، الذي حمل نبرة نقدية واضحة، إلى إصلاح عميق في منظومة التدبير الإداري، يقوم على إعادة الاعتبار لثقافة القرب، واحترام الحقوق، والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. كما أوصت المؤسسة بتعزيز آليات الوساطة الداخلية داخل الإدارات العمومية، واعتماد التسوية الودية كخيار رئيسي لمعالجة النزاعات، بدل التمترس خلف المساطر البيروقراطية.
وتأتي هذه التوصيات في سياق مؤسساتي خاص، تميز بإعادة تعيين عدد من رؤساء هيئات الحكامة، وبالخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، والذي جدد فيه جلالة الملك محمد السادس التأكيد على ضرورة تمكين هذه المؤسسات من القيام بمهامها بكامل الاستقلالية والفعالية.
في ختام التقرير، أكدت مؤسسة الوسيط على دورها كقناة وازنة للدفاع عن الحقوق الإدارية للمواطنين، لكنها في الآن ذاته نبهت إلى أن نجاح هذا الدور رهين بإرادة سياسية حقيقية لإصلاح الإدارة، وترسيخ ثقافة الخدمة العمومية القائمة على احترام كرامة المرتفق، وإنصافه دون مماطلة أو تسويف.





