محكمة الكناري تفجّر فضيحة داخل القنصلية المغربية: تعويض لموظف بسبب “تحرش وظيفي”

حسين العياشي

قضت محكمة الشغلية بلاس بالماس بإدانة القنصلية المغربية بجزر الكناري، وإلزامها بأداء 20 ألف يورو لفائدة أحد موظفيها الإداريين، اعتبر القضاء أنه تعرّض لاعتداءات متواصلة في مكان العمل، بلغت حدّ التحرش الوظيفي والمعاملة المهينة. الحكم، الصادر في 10 نونبر الماضي، لم يقف عند حدود التعويض المالي، بل أوجب على القنصل الحالية، فاطمة الكموري، وضع حدّ فوري لأي سلوك يدخل في خانة المضايقات.

القضية بدأت قبل سنوات، حين اشتغل الموظف داخل القنصلية منذ 2008 في إطار علاقة مهنية مستقرة، قبل أن تتغير الأوضاع بشكل جذري مع وصول القنصل الجديدة في شتنبر 2022. وفي أبريل 2024، رفض عرضاً بتعويض قدره 55 ألف يورو مقابل إنهاء عقده وتفادي اللجوء إلى القضاء، إذ كان هدفه الأساسي الاعتراف بما يعتبره ضرراً معنوياً عميقاً تعرض له منذ مجيء المسؤولة الجديدة.

وثائق المحكمة رسمت صورة صادمة عن مناخ العمل داخل القنصلية، حيث أشارت إلى صراخ متواصل، وتهديدات بالطرد، وعزل تام للموظف الذي تحوّل أولاً إلى سائق رهن الإشارة طوال ساعات اليوم، قبل أن يُجرد من أي مهمة بشكل كامل. كما أثبتت أنه أُجبر على تنفيذ مهام ذات طابع شخصي للقنصل، من بينها إحضار أبنائها أو إنجاز مشتريات خاصة، دون أي تعويض عن المصاريف.

وتعمّقت خطورة الوضع مع التقرير النفسي الذي عُرض على المحكمة، والذي كشف عن إصابة الموظف بـاضطراب ما بعد الصدمة المعقّد نتيجة هذا السلوك، متضمناً نوبات استرجاع للوقائع المؤلمة، وتجنّباً قهرياً للمحيط المهني، واضطرابات حادة في المزاج. بل إن حالة الموظف ازدادت سوءاً بعد عودته إلى العمل في فبراير 2025، حيث وُضع تحت رقابة مشددة، وعُزل عن باقي زملائه، وجُرد من المهام، ما ساهم في تفاقم الضرر النفسي والمعنوي.

ورغم أن المشتكي طالب بتعويض يصل إلى 30 ألف يورو، فقد اكتفت المحكمة بتحديد مبلغ 20 ألف يورو بسبب عدم توفر تفاصيل إضافية حول حجم الضرر بدقة. الحكم ما يزال قابلاً للاستئناف أمام الغرفة الاجتماعية بالمحكمة العليا للكنارياس.

ولم تتوقف تداعيات الملف عند هذه الحالة فحسب، إذ تبرز قضية أخرى لموظفة إدارية داخل القنصلية نفسها، كانت قد تعرضت للعزل وحرمانها من مهامها، وهي وقائع أكدتها محكمة إسبانية في حكم نهائي صدر أواخر سنة 2024، ما يعزز فرضية وجود مناخ مهني مقلق داخل هذه التمثيلية الدبلوماسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى