مخزونات الطاقة دون المستوى واستثمارات التنقيب تتراجع بنسبة 27% (تقرير)

إيمان أوكريش: صحافية متدربة

سجل المجلس الأعلى للحسابات في تقرير السنوي أن مخزونات الغازوال والبنزين وغاز البوتان لم تتجاوز خلال سنة 2023، على التوالي 32 و37 و31 يومًا. ويعود هذا الوضع أساسًا إلى الإطار القانوني للمخزونات الاحتياطية الذي تم وضعه منذ سنة 1977، والذي يحتاج إلى مراجعة لتكييفه مع التغيرات التي طرأت في القطاع البترولي. كما أن آليات تمويل هذه المخزونات لم تكن فعالة بما فيه الكفاية، مما عرقل التوازن بين المصالح التجارية للقطاع الخاص ومتطلبات الأمن الطاقي من المنتجات البترولية.

وارتفعت سعات التخزين للمنتجات البترولية السائلة من 798,155 متر مكعب سنة 2009 إلى 2,091,000 متر مكعب سنة 2023، أي بزيادة قدرها 162%، وهي زيادة ترتبط بالاستثمارات المنجزة في مينائي الجرف الأصفر وطنجة المتوسط، حيث تتيح هذه القدرات التخزينية إمكانية تغطية استهلاك أكثر من 60 يومًا من هذه المنتجات، حيث تصل إلى 76 و100 و74 يومًا على التوالي لكل من الغازوال والبنزين والفيول.

أما فيما يتعلق بقدرة تخزين غاز البوتان، فقد ارتفعت من 330,526 متر مكعب في سنة 2009 إلى 539,000 متر مكعب سنة 2023، أي بزيادة بنسبة 63%. ورغم هذه الزيادة، فإن هذه القدرة التخزينية تتيح فقط تغطية استهلاك 39 يومًا فقط.

وفي سياق متصل، سجل المجلس الأعلى للحسابات تقدمًا محدودًا في مجال تنويع نقاط دخول مختلف المنتجات البترولية المستوردة، وهو ما يُعد أحد أهداف الاستراتيجية الطاقية الوطنية. فقد تمت إضافة نقطة دخول واحدة فقط بميناء طنجة المتوسط.

وحسب التقرير نفسه، كان من المتوقع أن ترتفع حصة الغاز الطبيعي في الطلب الوطني على الطاقة الأولية من 3.7% سنة 2008 إلى 13.5% سنة 2030، وقد ربطت الاستراتيجية الطاقية الوطنية الاعتماد على هذا الخيار بتأمين الحصول على الغاز وضمان توفره على المدى الطويل، إضافة إلى ضمان تنافسيته الاقتصادية. ومع التحديات المرتبطة بالالتزامات المناخية للمغرب، والتي تدفع نحو التخلي عن الفحم في إنتاج الكهرباء، أصبح الغاز الطبيعي ضرورة ملحة أكثر من كونه مجرد خيار.

ولهذا أطلقت عدة مبادرات لتطوير قطاع الغاز الطبيعي منذ سنة 2011، إلا أنه لم تتم بلورتها ضمن استراتيجية رسمية شاملة. ففي سنة 2014، وضعت الوزارة المكلفة بالطاقة مخططًا وطنيًا لتنمية الغاز الطبيعي المسال، إلا أنه تم التخلي عنه في سنة 2020 بسبب عدم توافق الأطراف المعنية مثل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ووزارة التجهيز ووزارة المالية حول الجوانب المالية والمردودية المتوقعة للمشروع.

وأشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أن جهود الوزارة المكلفة بالطاقة في التنقيب عن الهيدروكاربورات في المغرب لا تزال دون المستوى العالمي المطلوب، بالرغم من كثافة الآبار المنجزة في المغرب، التي تبلغ أربعة آبار لكل 10,000 كيلومتر مربع، لكنها تبقى منخفضة بشكل كبير مقارنة مع البلدان المجاورة مثل موريتانيا والسنغال، التي تسجل كثافة تصل إلى 1,000 بئر لكل 10,000 كيلومتر مربع، خاصة في مجال التنقيب البحري. كما أن جهود الاستكشاف تتركز بشكل كبير في حوضي الغرب والصويرة، مما يعكس تركز الجهود في مناطق محدودة دون استثمار كافٍ في الأحواض الأخرى.

ورغم أن عدد الآبار التي تم حفرها في المغرب بلغ 374 بئرًا حتى نهاية سنة 2023، فإن كثافة الحفر الاستكشافي لم تشهد تطورًا كبيرًا منذ وضع الاستراتيجية الطاقية. كما أن مساحة الأحواض الرسوبية المفتوحة للاستكشاف تصل إلى حوالي 761,000 كيلومتر مربع، ما يبرز الفجوة الكبيرة بين المساحة المتاحة والآبار المنجزة.

أما فيما يخص الاستثمارات في قطاع التنقيب، فقد بلغت قيمة الاستثمارات 23.9 مليار درهم بين 2009 و2022، بمعدل سنوي وصل إلى 1.78 مليار درهم، وهو ما يمثل ارتفاعًا مقارنة مع الفترة 2000-2008. لكن هذا النمو لم يكن كافيًا لمواكبة تطلعات الاستراتيجية الطاقية الوطنية، التي كانت تهدف إلى تكثيف جهود التنقيب. فعلى الرغم من هذا الارتفاع، تراجعت الاستثمارات بشكل ملحوظ منذ سنة 2014، ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم حدوث اكتشافات تجارية كبيرة في القطاع، بالإضافة إلى التوجه العالمي المتزايد نحو التحول إلى الطاقات المتجددة.

من جانب آخر، تراجع الاستثمار الذاتي للمكتب الوطني للهيدروكاربورات، حيث انخفض من متوسط 59.8 مليون درهم سنويًا في الفترة 2000-2008 إلى 43.6 مليون درهم سنويًا في الفترة 2009-2022، أي بتراجع قدره 27%. وفي هذا السياق، سجل المجلس بأن الاستراتيجية الطاقية وضعت أهدافا في أفق 2012، للاستثمار الذاتي للمكتب، حيث كانت تستهدف 2 مليار درهم بين 2008 و2012، إلا أن الواقع كان أقل من التوقعات بكثير، حيث لم يتجاوز الإنجاز 280 مليون درهم، أي 14% فقط من الأهداف المرسومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى