مدريد تُسرّع تفعيل “الحدود الذكية” بسبتة على خطى مليلية

حسين العياشي
تتهيأ السلطات الإسبانية لتفعيل ما تُسميه “الحدود الذكية” في سبتة خلال النصف الأول من نوفمبر المقبل، في مسعى لتعزيز ضبط الدخول والخروج من المدينة، اقتداءً بما جرى اعتماده سابقًا في مليلية حيث مضت التجربة من دون حوادث تُذكر. ويقوم جوهر الخطوة على نظام إلكتروني يضبط بدقّة مَن يعبر الحدود ومتى، ويرصد مَن لا يستوفي شروط الدخول أو يتجاوز المدة المسموح بها للإقامة، في إطار استراتيجية حكومية لتشديد إجراءات الأمن بمعبر الطراجال.
داخل سبتة، تُثير الاستعدادات نقاشًا لا يخلو من التوتر بسبب الطوابير الطويلة على المعابر. فقبيل التشغيل الكامل، يعمد ضباط الشرطة الوطنية إلى تسجيل كل مستخدم للنظام الجديد، بالتوازي مع تحديث البنى المعلوماتية وتدريب العناصر الأمنية. وقد بدأت آثار هذه الأعمال تظهر بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة عبر توقفات متقطعة في حركة المرور، ازدادت حدّتها مع العطلات الرسمية في المغرب وما يصاحبها من ذروة عبور تُفضي إلى صفوف انتظار ممتدة وصعوبات في تسيير حركة العبور. ومع ذلك، تُؤكد مندوبية الحكومة الإسبانية أنّ الأداء المنتظر سيكون فعّالًا على غرار تجربة مليلية، على أن يبلغ النظام مرحلة التشغيل الكامل بحلول أبريل 2026.
لا يُتوقع أن تتبدّل آليات دخول الفئات التي تعبر يوميًا من المغرب إلى سبتة المحتلّة؛ فالعابرون اليوميون وحاملو تصاريح العمل والإقامة سيواصلون عبورهم وفق المسار المعتاد. لكن المستجدّ هو الصرامة في منع أي تجاوزات أو إقامة غير قانونية، بما في ذلك المبيت غير المصرّح به، إذ سيوفّر النظام طبقة إضافية من الرقابة تمنع التحايل وتغلق منافذ الإقامة خارج الأطر القانونية.
يعتمد النظام الأوروبي الجديد لتسجيل الدخول والخروج (EES) على توثيق إلكتروني شامل لكل حركة عبور، ويُرفَد بالتحقق البيومتري من الهوية عبر صورة الوجه وبصمات الأصابع، بما يقلّل مخاطر انتحال الشخصية واستخدام الوثائق المزوّرة. وفوق ذلك، تُسند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي مهمة تحليل الفيديو والبيانات بهدف أتمتة الإجراءات وتسريعها، مع فحص لوحات السيارات في أجزاء من الثانية وإطلاق تنبيهات فورية عند رصد أي خلل، وهو ما يُسهم في تحصين المعبر ومكافحة الأنشطة غير القانونية.
رُصد لهذا المشروع في سبتة المحتلّة غلاف مالي قدره 7.5 ملايين يورو، على أمل أن ينعكس استثمارُه في تسريع عبور المدمَنين على الحركة اليومية، وتكريس الانضباط للقوانين بصرامة، واستنساخ ما عُدّ نجاحًا في مليلية ضمن سياق أوسع لتحديث الإدارة الحدودية وتحديث أدواتها. بهذه المقاربة، تراهن مدريد على مزيجٍ من التكنولوجيا والحوكمة الدقيقة لإحداث نقلة نوعية في إدارة أحد أكثر المعابر حساسية على الضفة الجنوبية للمتوسط.





