الجديدة.. هؤلاء نهبوا أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية!!

حسين العياشي

فجّر تقرير حديث للمفتشية العامة للإدارة الترابية فضيحة مدوية بإقليم الجديدة، بعد كشفه عن خروقات خطيرة واختلالات جسيمة في تدبير مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال الفترة الممتدة من 2019 إلى 2022، وهي المدة التي رُصدت لها اعتمادات مالية ضخمة بلغت 522,5 مليون درهم، لم يُنفذ منها سوى 269,7 مليون درهم، أي ما يعادل 51.4% فقط من الميزانية المخصصة.

التقرير، جاء في سياق الإعفاءات التي هزت قسم العمل الاجتماعي بعمالة الجديدة، وأسفرت عن توقيف ثلاثة موظفين بارزين، من ضمنهم رئيسا القسمين الاجتماعي والثقافي، وموظف بالعمالة، على خلفية اتهامات ثقيلة تتعلق بتبديد أموال عمومية، التلاعب بالفواتير، وإنجاز تقارير وهمية عبر مكتب دراسات تم تفويضه بشكل مثير للجدل.

ومن أبرز ما كشفه، تورط عدد من الأسماء النافذة بالإقليم في وضعيات تضارب مصالح، من بينهم رئيس جماعة مولاي عبد الله، برلماني عن دائرة الجديدة، رئيس جمعية APOS، مسؤول إداري بالعمالة، مدير مهرجان “ملحونيات”، وابنة رئيس جماعة الجديدة، التي استفادت، بصفتها مديرة مركز للعلاج الفيزيائي، من تجهيزات ممولة من المبادرة، رغم شغلها في الوقت ذاته لمنصب مديرة منصة الشباب. كما شمل التقرير مسؤولا جمع بين إدارة منصة الشباب والعمل لصالح شركة احتسبت فواتير بمبالغ مرتفعة.

ومن بين أبرز التجاوزات التي أوردها التقرير:

  • تمويل مشروع غير مؤهل لجمعية APOS بمليوني درهم دون عرضه على اللجنة المختصة.

  • صرف أموال المبادرة الوطنية لتغطية نفقات شخصية.

  • منح الجمعية نفسها أكثر من 75 مليون درهم دون المرور عبر مساطر طلبات العروض.

  • فشل مشاريع كبرى كمركب اجتماعي (26.5 مليون درهم) وأسواق القرب (11 مليون درهم).

  • تحويل 150 ألف درهم من الحساب الشخصي لرئيس قسم العمل الاجتماعي إلى حساب الجمعية بدعوى “المساهمة في مكافحة كورونا”.

  • تعثر 12 مشروعًا بسبب عجز الشركاء عن توفير العقارات أو الدراسات، في ظل احتكار مكتب الدراسات BETZA للملفات كافة.

كما تم رصد أكثر من 1000 ملاحظة تتعلق باختلالات في مشاريع المبادرة الوطنية، معظمها خلال فترة العامل السابق محمد الكروج، وأكد وجود عشرات المشاريع الوهمية التي لا تتجاوز حدود الورق، رغم أنها حظيت بتمويل فعلي.

الأخطر، أن العديد من الجمعيات والتعاونيات التي حصلت على الدعم أُنشئت خصيصًا لهذا الغرض، دون أن يكون لأعضائها أي إلمام بالمشاريع الممولة، ما جعل أغلبها مشاريع فاشلة أو متوقفة، في ظل غياب تام للمراقبة والتتبع من طرف قسم العمل الاجتماعي.

هذه الفضيحة تعيد إلى الواجهة إشكالية ريع الجمعيات وتداخل النفوذ السياسي بالمصالح الاقتصادية، في ظل منظومة رقابية مهترئة، ما يطرح أسئلة ملحة حول المحاسبة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ويضع مصداقية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على المحك، رغم أهميتها القصوى في محاربة الفقر والهشاشة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى