مركز يدين الاعتداءات العنصرية ضد مغاربة توري باتشيكو ويدعو إلى تحرك عاجل

إعلام تيفي_بلاغ
يتابع مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم بقلق بالغ ما تشهده بلدة توري باتشيكو ومناطق أخرى بجنوب إسبانيا من تصاعد مقلق للاعتداءات العنصرية التي استهدفت بشكل ممنهج مواطنين من أصول مغربية، في سياق يوحي بتنسيق مبيت تحركه أيديولوجيا الكراهية والتحريض التي يتبناها اليمين المتطرف، وعلى رأسه حزب “فوكس” وعدد من المتعاطفين معه.
وأعرب المركز، في بلاغ له، عن إدانته الشديدة لهذه الاعتداءات الجسدية والرمزية والتشهيرية، محملا المسؤولية الأخلاقية والسياسية لكل الأطراف التي ساهمت، بالفعل أو بالصمت، في إنتاج مناخ عدائي ضد المهاجرين، من خلال الربط الخطير بين الجريمة والهجرة، واستسهال شيطنة الآخر، سواء عبر الخطاب الحزبي أو المحتوى الإعلامي أو الحملات الرقمية التضليلية.
واعتبر المركز أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وخرقا لمبادئ المواطنة المتساوية والالتزامات التي تقع على عاتق الدولة الإسبانية بموجب الاتفاقيات الدولية، من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
كما حذر من خطر تطبيع العنف الرمزي والمؤسساتي ضد الجاليات المغاربية، واستعمالها كـ”كبش فداء” لتغطية الإخفاقات الاجتماعية والاقتصادية، أو كأداة للتعبئة الشعبوية خلال الحملات الانتخابية.
وسجل المركز أن ما يقع اليوم يشكل ارتدادًا عن مسار المصالحة التاريخية التي حاول المغرب وإسبانيا نسجها منذ بداية الألفية، محذرا من إعادة استدعاء ماض استعماري مشحون بالتوتر من خلال قنوات اليمين المتطرف، لما يحمله ذلك من تهديد للعلاقات بين الشعبين.
وفي هذا السياق، جدد مركز الذاكرة المشتركة دعوته إلى تأسيس هيئة حكماء مغربية-إسبانية، تعنى بترسيخ الحوار المؤسسي بين البلدين، والتفكير في سبل تدبير قضايا الذاكرة التاريخية المشتركة، بما في ذلك ملف الهجرة وما يرتبط به من رهانات أمنية وثقافية وحقوقية.
كما تهدف الهيئة إلى اقتراح آليات فعالة للتفاهم ومناهضة الانزلاق العنصري، عبر رؤية استراتيجية تستند إلى قيم التعدد والتعايش، وتمنع استغلال التوترات الظرفية لإنتاج خطابات الإقصاء والتطرف.
وثمن المركز الموقف الرسمي للحكومة الإسبانية التي أدانت بوضوح الاعتداءات العنصرية، ورفضت محاولات التبرير أو التواطؤ أو التحريض التي قامت بها جهات متطرفة، معتبراً أن هذا الموقف يعكس وعيًا سياسيًا ومسؤولية أخلاقية، ويؤكد التزام الدولة الإسبانية بمبادئ سيادة القانون وحقوق الإنسان. كما أشاد بالمواطنين الإسبان، أفرادًا ومؤسسات، الذين بادروا إلى تفعيل المساطر القانونية في مواجهة هذه الاعتداءات، في ما يشكل تعبيرًا عن حيوية الضمير الحقوقي والديمقراطي داخل المجتمع الإسباني.
ودعا المركز الأحزاب الديمقراطية الإسبانية إلى اتخاذ مواقف صريحة وشجاعة في إدانة هذه الاعتداءات، ومراجعة خطابها حول الهجرة والمهاجرين. كما طالب الحكومة المغربية بالإسراع في إعادة هيكلة مؤسساتها الموجهة لمغاربة العالم، كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الخضراء، مع توفير الدعم القانوني والنفسي للجالية عند الحاجة.
وحث المركز الأحزاب المغربية على تفعيل أدوارها في الدبلوماسية الموازية للدفاع عن الجالية وتقوية حضورها في مجتمعات الإقامة، كما ناشد المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والمقررين الأمميين بالتدخل لحماية الضحايا ورصد الانتهاكات، وضمان احترام القانون.
وفي السياق ذاته، دعا مركز الذاكرة المشتركة أفراد الجالية المغربية إلى ضبط النفس وتفويت الفرصة على دعاة العنف، مشدداً على أن الرد على الكراهية لا يكون بالكراهية، بل بالقانون والمقاومة السلمية والعمل الجماعي من أجل بناء فضاء متوسطي إنساني، آمن ومتعدد.
وختم المركز بلاغه بالتأكيد على أن ما يجري في بلدة توري باتشيكو لا يمكن اعتباره حادثا عرضيا أو معزولا، بل يشكل اختبارا حقيقيا لمدى متانة القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الضفتين المغربية والإسبانية، مجددا دعوته إلى رؤية استراتيجية عابرة للحدود، تتأسس على الكرامة والعدالة والمساواة، وتعلي من منطق الحوار والمسؤولية المشتركة في مواجهة النزعات الإقصائية والعدمية.





