مستشفى أكادير.. اتفاقيات صيانة بلا أثر على الواقع والقطاع الخاص هو المستفيد الأكبر

حسين العياشي

مرّت أكثر من سنتين على توقيع اتفاقية بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وولاية جهة سوس ماسة، ومجلس الجهة، وجماعة أكادير لصيانة وتأهيل مستشفى الحسن الثاني، أحد أبرز المرافق الصحية بالجنوب المغربي، بقيمة مالية ابتدائية قدرها 135 مليون درهم، قبل أن يتم رفعها في أكتوبر 2024 لتصل إلى 205 ملايين درهم، ساهمت الجماعة منها بـ25 مليون درهم. ورغم مرور هذه الفترة، لم تشهد المؤسسة أي تحرك فعلي على أرض الواقع، ما أثار استياء الساكنة والفاعلين الجمعويين الذين كانوا يعلقون آمالًا كبيرة على المشروع لإصلاح وضع صحي متأزم. هذه الأزمة ازدادت تفاقمًا مع حوادث مأساوية داخل المستشفى، حيث توفيت ست نساء في ظروف صعبة دفعت لجنة وزارية إلى فتح تحقيق حول مستوى الخدمات الطبية.

على صعيد آخر، يعاني المستشفى منذ يوليوز الماضي من انقطاع غير مبرر لمواد التخدير الأساسية، استمر لأكثر من ستة أسابيع، ما أثر بشكل مباشر على العمليات الجراحية. فقد اضطرت إحدى المرضى المسنات إلى الانتظار لنحو شهر قبل إجراء العملية، ثم فارقت الحياة بعد نقلها إلى قسم الإنعاش. هذه الحوادث تكشف الاختلال الواضح بين التصريحات الرسمية التي تنفي الأزمة وبين الواقع المؤلم على أرض المستشفى.

تزامن هذا الوضع مع تدشين رسمي لمصحة النهار بمدينة أكادير، بحضور رئيس الحكومة ووزير الصحة، ما اعتبره العديد من المتابعين مؤشرًا على اختلال أولويات تدبير القطاع الصحي في الجهة. التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021 أكد هذه الاختلالات، مشيرًا إلى ضعف نظام إدارة المخزون الدوائي واعتماد الوزارة على بيانات شركات الأدوية دون قاعدة دقيقة لتقييم الحاجيات الوطنية.

أمام هذا الواقع، اضطر العديد من المرضى إلى اللجوء إلى المصحات الخاصة، ما شكل عبئًا ماليًا على الأسر، بينما استقطبت هذه المصحات بعض أطباء القطاع العام، ما أثار اتهامات بالجمع غير القانوني بين العمل في القطاعين، وقد صدر في هذا الصدد قرار بإيقاف أربعة أطباء وإحالة ملفاتهم على اللجان التأديبية.

كشف رئيس جمعية أصدقاء المرضى عن تعطيل جهاز السكانير الذي كلف الدولة نصف مليار سنتيم، الأمر الذي أجبر المرضى على إجراء الفحوص في القطاع الخاص، ما أدى إلى تحويل ملايين الدراهم من أموال المرضى إلى حسابات خاصة، دون أي تدخل فعلي من الوزارة الوصية للبحث والتقصي.

النشطاء المدنيون والفاعلون المحليون يحملون مجلس جماعة أكادير، ومجلس جهة سوس ماسة المسؤولية عن غياب متابعة تنفيذ الاتفاقية، معتبرين أن استمرار التأخير يمثل إهانة لحقوق المواطنين في الحصول على خدمات صحية لائقة.

يبقى التساؤل مطروحًا عند المتتبعين: أين اختفت اتفاقية صيانة وتأهيل مستشفى الحسن الثاني؟ وما مصير الوعود التي قُطعت منذ أكثر من سنتين؟ ومتى سترى الأشغال النور على أرض الواقع لتفادي كوارث صحية أكبر؟ ويؤكد المتابعون أن استمرار الوضع الراهن لا يهدد حياة المرضى فحسب، بل يقوض ثقة المواطنين في المؤسسات الصحية ويضعف مصداقية الدولة في توفير العدالة الصحية والخدمات العمومية الأساسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى