مشروع قانون التعليم العالي يثير الغضب.. والتامني تحذر من خوصصة الجامعات العمومية

حسين العياشي

يواصل مشروع القانون 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إثارة الجدل قبل عرضه على المجلس الحكومي في 28 غشت الجاري. فقد وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالاً كتابياً إلى وزير التعليم العالي، حذرت فيه من أن المشروع قد يشكل تهديداً لمكتسبات الجامعة العمومية، وعلى رأسها مجانية التعليم وضمان الحق الدستوري في الولوج العادل والمنصف.

التامني، شددت على أن الإصلاح لا يمكن أن يمر عبر تحميل الطلبة وأسرهم أعباء إضافية أو فتح الباب أمام الخوصصة، بل يتعين أن يرتكز على تعزيز الاستثمار العمومي، وتحسين شروط البحث العلمي، وتوفير مناخ أكاديمي يضمن تكافؤ الفرص. كما تساءلت عن دور مكونات الجامعة، من أساتذة وطلبة ونقابات، في صياغة وتتبع المشروع، معتبرة أن غياب الإشراك يعكس إرادة تمرير قانون مصيري دون نقاش وطني واسع.

وفي السياق نفسه، عبّرت نقابات التعليم العالي عن مخاوف مماثلة، مؤكدة أن أي إصلاح تشريعي يجب أن ينطلق من تشخيص دقيق لأعطاب المنظومة الحالية، مثل ضعف البنية التحتية الجامعية، الخصاص في الأطر التدريسية، وتراجع مؤشرات البحث العلمي. وترى هذه النقابات أن مستقبل الجامعة العمومية يظل رهيناً بمدى قدرة الدولة على توفير تمويل مستدام، يضمن الاستقلالية الأكاديمية ويحميها من الضغوط السوقية.

الجدل الدائر في المغرب يجد صداه في تجارب مغاربية أخرى. ففي الجزائر مثلاً، أثير نقاش مشابه قبل سنوات حول مدى قدرة الدولة على الحفاظ على مجانية التعليم العالي في ظل الضغوط الاقتصادية، بينما عرفت تونس في العقد الأخير دعوات متكررة لإصلاح المنظومة الجامعية بما يوازن بين الجودة والمجانية. هذه المقارنات الإقليمية تجعل من النقاش المغربي جزءاً من سياق أوسع يهم بلدان المنطقة كلها، حيث يشكل التعليم العالي رهانا استراتيجيا للتنمية والعدالة الاجتماعية.

الجامعة المغربية تعيش اليوم مفترق طرق. فمن جهة، هناك حاجة ملحّة إلى إصلاح جذري يرفع من جودة التكوين ويربطه بحاجيات التنمية الوطنية. ومن جهة أخرى، تظل المخاوف قائمة من أن يتحول الإصلاح إلى مدخل لتقليص مكتسبات تاريخية همّت أجيالاً من الطلبة. وبين هذين الاتجاهين، يبرز مطلب أساسي يتمثل في فتح نقاش عمومي شفاف، يشارك فيه الأساتذة والطلبة والنقابات والمجتمع المدني، لتفادي أي انزلاق قد يهدد دور الجامعة العمومية كرافعة للارتقاء الاجتماعي ومصنع للنخب الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى