معاناة صامتة..تداعيات الإكراهات المادية على نفسية الطلبة
خديجة بنيس : صحافية متدربة
بعد الحصول على شهادة البكالوريا، يواجه الطلبة معاناة في التأقلم مع بيئة جديدة تختلف تمامًا عن تلك التي اعتادوا عليها في مسقط رأسهم، يضطر هؤلاء الطلبة للانتقال إلى المدن الكبرى لمتابعة دراستهم الجامعية، حيث يواجهون صعوبات عدة، أبرزها الابتعاد عن الأسرة والتكيف مع مجتمع يختلف في عاداته وأسلوبه.
يأتي هذا التغيير المفاجئ مع تحديات مالية كبيرة، حيث يضطر العديد من الطلبة للتعامل مع قلة الموارد المادية التي تؤثر بشكل مباشر على مستوى معيشتهم. هذه الظروف المالية الصعبة تنعكس سلبًا على حالتهم النفسية وقدرتهم على التركيز والتحصيل العلمي.
الطلبة الجامعيون يعانون من مشاكل نفسية نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، لكنهم يعانون في صمت، حيث يعتبر المجتمع التعبير عن معاناتهم ضعفًا أو تهاونًا. هذا الصمت المفروض يدفعهم إلى كبت مشاعرهم وعدم طلب الدعم، مما يزيد من تفاقم الضغوط النفسية ويؤثر على قدرتهم على التكيف مع التحديات الأكاديمية والحياتية.
في هذا السياق، أفاد بوشعيب الباز، المتخصص في تحليل الإضرابات النفسية، بأن الطلبة المنحدرين من عائلات فقيرة يعانون بسبب البعد عن العائلة وقلة المال، هذه الإكراهات لها آثار نفسية على المدى القريب والبعيد، خاصة وأنهم يضطرون للعيش في مدن كبيرة لاستكمال دراستهم.
وأبرز المتحدث في تصريح ل “إعلام تيفي” يعاني حوالي 70% منهم من آثار نفسية حتى بعد التوظيف، الإمكانيات المادية تلعب دورًا مهمًا في تسهيل استعدادهم النفسي للتعلم والاكتساب المعرفي.
الوضع المادي والاقتصادي يؤثران بشكل مباشر على الحالة النفسية لهؤلاء الطلبة، وفقا للمتخصص حيث يواجهون صعوبات في التكيف مع بيئة جديدة تختلف عن بيئتهم الأصلية من حيث المظهر وطريقة الكلام.
على الرغم من أن الفرد المغربي بطبعه يتكيف مع جميع الطبائع واللهجات، إلا أن الطلبة من البوادي والمدن الصغيرة يواجهون صعوبات في اللباس والطعام، مما يزيد من شعورهم بالاختلاف.وفق الدكتور الباز
في هذا الصدد يوضح بوشعيب الباز أنه قد يضطر الطالب إلى الإفطار دون تناول وجبة الغداء، مما يؤثر سلبًا على مزاجه وحالته النفسية، عدم تناول الطعام بشكل منتظم يمكن أن يؤدي إلى تراجع المزاج الإيجابي ويضعف القدرة على التواصل والتركيز. كما أن هذا الوضع يؤثر أيضًا على مظهره، حيث يتجنب الاحتكاك بالطلبة الآخرين لتفادي الإحراج، أو يختلط فقط مع فئات مشابهة له. هذا التباعد الاجتماعي يؤثر بشكل مباشر على مستوى ثقته بنفسه.
من جهة اخرى يرى المتحدث أن بعض الطلبة يجدون في هذه الصعوبات حافزًا إيجابيًا، لكنهم قد يتعرضون أيضًا لمشاكل نفسية مثل زيادة الثقة بالنفس إلى حد التظاهر بالثراء أو العظمة، هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى فصام وصراع نفسي، مما ينعكس على سلوكهم في مراكز القرار بعد التوظيف.
هؤلاء الأفراد قد يظهرون ضعفًا في التواصل وعنفًا مع طاقمهم، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم على اتخاذ القرارات بشكل سليم، نرى هذه الحالات أحيانًا في إدارات مختلفة والبرلمان، حيث تظهر التأثيرات النفسية على الأداء الوظيفي والإداري.