معاناة مغاربة العالم مع ارتفاع تكاليف السفر رغم دعمهم القوي للاقتصاد الوطني
خديجة بنيس: صحافية متدربة
تسجل تحويلات مغاربة العالم أرقاما قياسية في كل سنة، أكثر من سابقتها، وأفاد بنك المغرب أن المعطيات المتوفرة تشير إلى استمرار المنحى التصاعدي لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، مع تحسن بنسبة 1,9 في المائة في سنة 2024 إلى 117,5 مليارات درهم، وبنسبة 5,3 في المائة في سنة 2025 إلى 123,7 مليارات درهم.
ويسهم مغاربة العالم بشكل كبير في إغناء رصيد خزينة البلاد بالعملة الصعبة وتعزيز الاقتصاد الوطني، عبر التحويلات المالية، وكذلك من خلال الاستثمار والسياحة.
وتشكل هذه التحويلات، مصدراً كبيراً للدخل الوطني وتعزز الاستهلاك الداخلي والاستثمارات الشخصية، كما أن الاستثمارات التي يقومون بها في مشاريع مختلفة داخل الوطن تعزز من النمو الاقتصادي وتوفر فرص عمل.
وبالنظر إلى دورهم في تعزيز السياحة من خلال زياراتهم المستمرة، بالإضافة إلى استثمارهم في القطاع السياحي يسهم في تعزيز الدخل الوطني وتوفير فرص جديدة في القطاع الخدماتي.
وتعد مساهمات مغاربة العالم في تنمية اقتصاد المغرب ذات أهمية كبيرة، حيث يعدون جسراً بين الاقتصاد الوطني والاقتصادات العالمية من خلال تدفق رأس المال والخبرات.
إلا أن كل هذه المعطيات لا تشفع للجالية المغربية أمام نيران الاسعارالتي تستقبلهم بالأحضان حتى قبل أن تطأ أقدامهم تربة الوطن؛ فلهيب الغلاء يحرق محافظهم عند أول خطوة لهم في مسار عودتهم لأرض الوطن لصلة الرحم مع الأرض والأحباب.
ارتفاع تذاكر العبور يجعلهم يعيدون التفكير مرات عديدة قبل أن يقرروا زيارة وطنهم، حتى أن هناك من يغير الوجهة ويفضل قضاء عطلته الصيفية في البلدان الأوروبية لأنه ير ى أنها أرحم على جيوبهم من وطنهم.
وقد أظهرت الجالية المغربية المقيمة بالخارج إستياءها وغضبها من هذا الارتفاع الذي لا يراعي مصالحهم، وفق ما جاء في تعليقاتهم في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؛ خاصة وأن هذا الارتفاع يشمل جميع الخدمات، لاسيما في ظل إقبال الجالية على الفنادق وتأجير الشقق وكذا تأجير السيارات، ناهيك عن تكاليف المحروقات التي تشهد هي الأخرى ارتفاعا مهولا، الأمر الذي يعكر صفو عطلتهم بالمغرب.
وبالتالي فإن الكثير من مغاربة العالم في السنوات الأخيرة، أصبحوا يفضلون وجهات أخرى غير بلدهم لقضاء عطلهم الصيفية بأقل التكاليف، إلا أن الشوق والحنين للأهل يضطر فئة أخرى إلى التوجه إلى البلد لقضاء بعض الوقت مع العائلة، لزرع الروح الوطنية في أبناء المهجر.
ومن الأمور أيضا التي تثير استياء أفراد الجالية المغربية المقيمين في الخارج هو الشعور بأنهم خارج حسابات السلطات الوصية، وهو الأمر الذي عبروا عنه في تعليقات وتدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ مبرزين أن جل هذه التحديات تعيشها الجالية كل سنة، ونفس السيناريو يتكرر كلما حل موسم الصيف، حتى أصبحت حالة التذمرالشديد بين المهاجرين من “التقاليد العريقة” كما وصفها أحد المهاجرين المغاربة.
وقد يترتب عن هذه الإكراهات التي تواجه مغاربة العالم وتعرقل رحلاتهم نحو الوطن عدة انعكاسات سلبية؛ تتجلى أساسا في تقليل عدد الزيارات؛ فارتفاع التكاليف يجعل السفر أكثر صعوبة للأسر والأفراد ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي سيؤثر على الإقتصاد المحلي؛ حيث أن قلة الزيارات من قبل الجالية المغربية قد تؤثر سلباً، ناهيك عن الانفصال الأسري الذي يتولد جراء تقليل التواصل الجسدي بين أفراد العائلات، مما يضعف الروابط الأسرية، كما أن الجالية المغربية في الخارج قد تشعر بالضغط والقلق بسبب عدم القدرة على زيارة وطنهم وأحبائهم بانتظام.