مغادرة جماعية للأطر الصحية تفرّغ مستشفيات أزيلال.. والمرضى خارج الحسابات

حسين العياشي
يشهد إقليم أزيلال أزمةً صحيةً متفاقمة تقترب من شللٍ شبه تام في الخدمات العلاجية، مع استمرار نزف الأطر الطبية والتمريضية من مختلف المراكز الصحية ومن المستشفى الإقليمي. فعاليات نقابية محلية تصف الوضع بـ”الخطير وغير المسبوق”، بعدما غادر خلال سنة واحدة فقط أكثر من أربعين إطارًا صحيًا بين أطباء وممرضين وتقنيي صحة، من دون أن تُعوَّض المناصب الشاغرة إلى الآن.
في هذا الإقليم الجبلي الوعر، حيث تتوزع الساكنة على جماعات مترامية وطرق طويلة ومتعبة، بات سكان القرى والدواوير يقطعون المسافات نحو مراكش أو بني ملال بحثًا عن علاجٍ مفقود في القرب. غياب شبه تام للأطر العاملة بالمراكز الصحية القروية في دمنات وواويزغت وابزو وغيرها ضاعف معاناة الأسر محدودة الدخل، ونسف مبدأ العدالة في الولوج إلى الخدمات الصحية العمومية.
المعطيات النقابية تؤكد أن ما يجري ليس ظرفيًا، بل حصيلةُ سنواتٍ من «تفريغٍ ممنهج» للمؤسسات الصحية بالإقليم؛ تراخيص انتقال متتالية لمهنيي الصحة من دون أي تعويض فوري للمناصب، وغياب آلياتٍ حقيقية للجذب والتحفيز في المناطق النائية. وتضيف النقابات أنّ فشل تفعيل التعويضات عن العمل بالمناطق الوعرة وغياب السكن الوظيفي اللائق جعلا من أزيلال منطقةً طاردة بدل أن تكون جاذبة للأطر الصحية.
وفي بيانٍ مشترك للتنسيق النقابي المكوَّن من الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، حمّلَت التنظيماتُ الثلاثةُ مديريةَ الموارد البشرية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية «المسؤولية الكاملة والمباشرة» عن هذا التدهور، معتبرةً أن استمرار العمل بمعايير توزيع وطنية لا تراعي الخصوصيات الجغرافية والمجالية للإقليم يكرّس اللامساواة بين مناطق البلاد.
ودعت النقابات إلى تدخلٍ فوري لتعيين أطر جديدة بشكل عاجل، ووقف نزيف الانتقالات الذي أفرغ الإقليم من كفاءاته، وربط أي ترخيصٍ مستقبلي بمبدأ التعويض الفوري للمنصب. كما طالبت بخطةٍ استعجالية لتحفيز العاملين في المناطق الجبلية عبر حوافز مادية ومعنوية، وتوفير تجهيزات طبية كافية تضمن بيئة عمل لائقة ومستوى خدمات يليق بكرامة الساكنة.
وحذّر التنسيق من أن استمرار هذا الوضع يمسّ حق المواطنين في الصحة الذي يضمنه الدستور ويهدد السلم الاجتماعي بالإقليم، داعيًا الأطر الصحية والمنخرطين في صفوف النقابات إلى التعبئة وخوض كل الأشكال النضالية المشروعة حتى تحقيق المطالب العادلة والمستعجلة.





