مقترح قانوني لإقرار التعويض المدني لأطفال ضحايا الأفعال الجرمية خارج الزواج

فاطمة الزهراء ايت ناصر
في خطوة تشريعية جريئة تستهدف ملء فراغ قانوني طالما أرخى بظلاله على فئة منسية من الأطفال، تقدم الفريق الحركي بمجلس النواب بمقترح قانون يرمي إلى إقرار التعويض المدني لفائدة المولود الناتج عن علاقة غير شرعية ناتجة عن فعل جرمي.
وينطلق المقترح من واقع مرير تعيشه فئة من الأطفال والقاصرين، الذين جاؤوا إلى الحياة نتيجة أفعال جرمية كالاغتصاب أو استغلال القاصر أو فاقد الأهلية. هؤلاء، رغم أنهم ضحايا أبرياء لظروف لا دخل لهم فيها، غالبًا ما يجدون أنفسهم في أوضاع اجتماعية ونفسية مأزومة، محرومين من الحماية القانونية التي تضمن لهم الحد الأدنى من الكرامة والعيش الكريم.
في هذا السياق، جاء قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 15 أبريل 2025 ليكرّس مبدأ التعويض المدني بناءً على قواعد المسؤولية التقصيرية في قانون الالتزامات والعقود، مستندًا إلى الفصل 32 من الدستور الذي ينص على حماية حقوق الطفل. غير أن هذا الاجتهاد القضائي، وإن كان خطوة نوعية، يظل غير كافٍ ما لم يتم تأطيره بنص قانوني واضح وملزم.
والمقترح لا يهدف إلى إعادة النظر في مؤسسة النسب الشرعي كما حددتها مدونة الأسرة، بل يسعى إلى فصل الجانب المدني عن الأحوال الشخصية، عبر إقرار حق مستقل في التعويض للمولود المتضرر. ويؤكد واضعو المقترح أن التعويض لا يعني بأي شكل إثبات نسب الطفل للجاني، بل يندرج ضمن منطق جبر الضرر الناتج عن فعل جرمي ثابت بحكم قضائي نهائي.
وينص المقترح على منح الطفل تعويضًا ماديًا دوريًا أو إجماليًا يراعي الضرر المادي والمعنوي وحاجياته الأساسية، ويستمر حتى سن الرشد، أو إلى حدود 25 سنة إذا كان يتابع الدراسة، أو مدى الحياة في حالة الإعاقة. ويأخذ القاضي في الاعتبار دخل الجاني، حاجيات الطفل، الأضرار النفسية، ومدة الإعالة.
ويؤكد الفريق الحركي أن هذا المشروع يأتي انسجامًا مع التزامات المغرب الدولية، خاصة اتفاقية حقوق الطفل، ويعكس بُعدًا دستوريًا يسير في اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية، عدم التمييز، وصون كرامة الطفل.
ويأتي هذا المقترح، الذي وقعه نواب من قبيل إدريس السنتيسي، وفاطمة ياسين، والشرقي شكوري، ليضع حدا لصمت قانوني طال أمده، ويطرح نقاشًا أخلاقيًا وقانونيًا واجتماعيًا عميقًا حول مسؤولية الدولة والمجتمع تجاه هؤلاء الأطفال.





