ملاحظات العدالة والتنمية حول مقترحات تعديل مدونة الأسرة (مذكرة)

إعلام تيفي

طرح حزب العدالة والتنمية ملاحظاته على المقترحات الأولية لمراجعة مدونة الأسرة، عبر مذكرة له، خصوصاً في ما يتعلق بحق الزوج أو الزوجة في الاحتفاظ ببيت الزوجية بعد وفاة الزوج الآخر. وجاء المقترح لمعالجة حالة تعرض الزوجة والبنات للتشرد في حال استعجل العصبة قسمة التركة، لكن الحزب يلاحظ أن إيقاف سكن الزوجية عن التركة قد يخل بحقوق الورثة الآخرين، خاصة إذا كانت التركة تتضمن سكنًا رئيسيًا ذو قيمة كبيرة.

ويشدد الحزب على ضرورة مراعاة حقوق جميع الورثة، بما في ذلك الأم أو الأخوات، وتنظيم تعريف “بيت الزوجية” وفق معايير واضحة تأخذ بعين الاعتبار قيمة السكن وحاجة الزوج أو الزوجة إليه، كما يؤكد الحزب على ضرورة الحفاظ على التوازن بين حماية حقوق الزوجة والبنات، وضمان حقوق باقي الورثة.

وفي ما يتعلق بتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، التي تتمثل في أمرين: الأول، تثمين عمل الزوجة داخل المنزل واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال العلاقة الزوجية؛ والثاني، ترتيب ديون الزوجين المتعلقة بالأموال المكتسبة وجعل ديونهم الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهم ديوناً مقدمة على غيرها.

وعبر الحزب عن تخوفه من أن لا تلبّي  هذه التعديلات حاجة حقيقية للأسرة، مع تساؤلات حول الحكمة من تجاوز الطابع الاختياري في تدبير الأموال الزوجية، خاصة في ظل القانون المدني الذي يضمن استقلالية الذمة المالية لكل طرف. كما يشير الحزب إلى أن النص الحالي لمدونة الأسرة يتضمن ما يكفي من أحكام، ويُمكن للزوجين الاتفاق على تدبير الأموال المكتسبة بينهما، وهو ما لا يتم اللجوء إليه عملياً.

ويعتبر أن مقترح تثمين العمل المنزلي للزوجة قد يخلق إشكالات قانونية وتطبيقية، خاصة مع اختلاف أنماط العيش الأسرية، ما قد يفضي إلى نزاعات حول مقدار مساهمة الزوجة في تنمية الأموال. مشيرا إلى أن هذا المقترح قد يؤدي إلى تزايد حالات الطلاق بسبب طمع أحد الأطراف في الأموال المكتسبة من جهد الطرف الآخر، سواء كان الزوج أو الزوجة.

أما في ما يتصل بالحضانة، فقد شدد أن هذا الأمر قد يؤدي إلى إشكاليات في اتخاذ القرارات المتعلقة بحقوق الأطفال في حالة اختلاف الزوجين. ويجب، حسب الحزب، أن يُمنح القضاء الحق في التدخل لحل الخلافات بما يتماشى مع مصلحة الطفل. كما يطالب بتوضيح الضوابط الجديدة المتعلقة بزيارة المحضون وسفره، بما يضمن تيسير زيارة الأب أو الأم للمحضون بشكل منتظم.

أما قضية الطلاق، فيرى الحزب أن المقترحات المتعلقة بتيسير الطلاق الاتفاقي دون مسطرة قضائية قد تتعارض مع الهدف الأسمى للحفاظ على استقرار الأسرة، ويشدد على ضرورة الإبقاء على مسطرة الصلح في حالات الطلاق الاتفاقي.

كما يطالب بالحفاظ على مراقبة المحكمة لضمان تضمين الاتفاقات للشروط القانونية، وحماية حقوق الأطفال، وبالإبقاء على الأنواع الحالية من التطليق مثل التطليق بسبب الإيلاء أو الغيبة أو الضرر، وذلك لضمان الحقوق وتجنب التلاعبات القانونية.

ورفض الحزب في ما يتعلق باشتراط الزوجة عدم التزوج عليها، وإجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج فرض هذا الشرط في عقد الزواج، حيث اعتبره تدخلاً غير مبرر في إرادة الأطراف، مما يصادم خصوصية الأسرة في لحظة تكوينها.

كما اعترض الحزب على تجاوز رأي المجلس العلمي الأعلى في مسألة التعدد، حيث كان من المفترض أن يتم الالتزام بفتوى العلماء التي أحالها أمير المؤمنين. مشددا على أن التعدد في الزواج يجب أن يبقى محصوراً في الحالات الاستثنائية، مثل إصابة الزوجة الأولى بالعقم أو المرض، وأن يكون القاضي هو من يقدر الحالات التي تبرر التعدد.

واعتبر الحزب أن مقترح فرض استطلاع رأي الزوجة يفتح الباب أمام إقحام الأمور الخاصة في السجل العام، وهو أمر غير لائق ويؤذي مشاعر المرأة. كما أن هذا المقترح يعد إجبارياً، ويحول عقد الزواج إلى عقد إذعان، خلافاً للطابع التوافقي الذي يجب أن يميز مثل هذه العقود.

ووفقاً للحزب، يجب أن تترك للأطراف حرية الاتفاق على الشروط التي يرغبون في تضمينها في العقد، مع مراعاة القواعد العامة في حال نشوء أي نزاع، معتقدا أن الصيغة الحالية لمدونة الأسرة كافية في التعامل مع مسائل التعدد واشتراطات الزواج دون الحاجة لهذه التعديلات الجذرية.

ويجد الحزب أن المقترحات الحالية التي تستهدف تعديل بعض المصطلحات الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية، مثل مصطلحي “المتعة” و”الإيلاء”، لا تتماشى مع الديباجة، وتفتقر إلى فهم صحيح للنصوص الشرعية.

فحذف مصطلح “المتعة” من النصوص القانونية يعتمد على فهم خاطئ لهذا المصطلح، حيث يزعم البعض أن “المتعة” تعني “التمتع الجنسي” بالمرأة، لكن كما وردت في القرآن الكريم، تعني توفير مبلغ من المال للمرأة عند الطلاق، وهي من حقوقها الشرعية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى