منيب: 50 مليار درهم لدعم العالم القروي ضاعت في غياهب الغموض

حسين العياشي
أثارت النائبة البرلمانية نبيلة منيب، خلال مرورها برنامج “النقاش النيابي” الذي يُبث على القناة البرلمانية، العديد من القضايا الهامة التي تعكس مفارقات الخطاب الحكومي مع الواقع، معبرة عن قلقها حيال التحديات الكبيرة التي يواجهها المغرب في مجالات التحول الرقمي والتنمية المستدامة، خصوصًا في المناطق القروية التي لا تزال تعاني من قلة الفرص والإمكانات.
وأوضحت منيب أن الحكومة خصصت حوالي 50 مليار درهم لبرنامج “تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي” (الفترة 2017‑2023)، وهو مبلغ كبير كان يُفترض أن يُسهم في تحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية والخدمات الأساسية بهذه المناطق. لكنها تساءلت عن مصير هذا المبلغ، حيث لا تزال العديد من المناطق القروية تعاني من غياب الخدمات الأساسية، مما يطرح تساؤلات حول كيفية صرف هذه الأموال ومن استفاد منها، ومدى مردوديتها على التنمية القروية.
وفي السياق ذاته، تطرقت منيب إلى ما يُسمى بمخطط “المغرب الأخضر”، الذي كان من المفترض أن يُسهم في تحقيق تنمية مستدامة وخلق فرص عمل حقيقية. لكن، على حد تعبيرها، هذا المشروع استفادت منه في الواقع الشركات الأجنبية، ولم ينعكس على الفئات الاجتماعية الهشة كما لم يساعد في تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، معبرة عن أسفها لأن هذا المشروع لم يُترجم إلى مشاريع واقعية تخدم المصلحة العامة، بل كرّس استمرارية الاحتكار لفائدة بعض الشركات الكبرى دون أن يُسهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
وانتقدت منيب كذلك الأداء الحكومي في محاولة الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الماكرو-اقتصادية، معتبرة أن الحكومة تركز على الأرقام الاقتصادية والبرامج التي تحاول الحفاظ على الاستقرار المالي، بينما يُحارب الفقراء ويُهمش دورهم في التنمية الاقتصادية. وأكدت أن الحكومة فشلت في تجديد الدعم المخصص للفئات الفقيرة بشكل يحقق أثرًا ملموسًا في حياتهم، متسائلة عن سبب عدم تكرار الدعم الشهري البسيط مثل 500 أو 1000 درهم لعائلة، وهو ما يعد ضئيلًا جدًا مقارنة بحجم التحديات التي يواجهها هؤلاء، مما سيسهم في تكريس الفقر بدل معالجته من جذوره.
كما شددت النائبة البرلمانية على ضرورة استعادة الثقة بين الدولة والمواطنين، وهو ما لن يتحقق إلا من خلال إصلاحات حقيقية تبدأ بتغيير جذري في طريقة تعامل الحكومة مع الفئات الاجتماعية الهشة. هذه الإصلاحات، كما أضافت منيب، يجب أن تشمل مجالات أساسية مثل الحريات العامة، وحرية التعبير، وتعزيز الديمقراطية، والتي اعتبرتها من الأوراش المؤجلة التي يجب أن تضعها الحكومة على رأس أولوياتها.
في الختام، أكدت منيب أن الإصلاحات ليست مجرد تدابير اقتصادية، بل هي مسار شامل يتطلب تغييرًا في العديد من المجالات. ويجب على الدولة أن تكون أكثر شفافية في تعاملاتها، وأن تُعطي الأولوية لتطوير الإنسان المغربي، بما يضمن مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة ويُحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية.





