من الاعتبارات الإنسانية إلى الإصلاح القضائي.. المغرب والعراق يفتحان آفاق تعاون جديد

حسين العياشي

وقّع المغرب وجمهورية العراق، الخميس بالرباط، اتفاقيتين قضائيتين وُصفتا بـ”المهمة” لما تحمله من أبعاد إنسانية وقانونية، في خطوة جديدة نحو توطيد العلاقات الثنائية. الاتفاقية الأولى، التي وقعها وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي ونظيره العراقي خالد شواني، تتعلق بتسليم المحكومين لنقلهم إلى بلدانهم الأصلية من أجل استكمال العقوبات السجنية. وستمكّن هذه الآلية من تمتيع المعتقلين المغاربة في العراق، وكذا العراقيين في المغرب، بحق قضاء ما تبقى من محكومياتهم بين ذويهم وفي محيطهم الاجتماعي.

أما الاتفاقية الثانية، فهي مذكرة تفاهم تخص العقوبات البديلة، تندرج في إطار القانون المغربي رقم 43.22، وتجسد رغبة الرباط في تقاسم تجربتها الحديثة في تحديث المنظومة القضائية مع بغداد. وقد أكد الوزير العراقي أن بلاده ستستفيد من التجربة المغربية لإعداد تشريعات وطنية في مجال العقوبات البديلة، عبر تبادل الخبرات في الصياغة والتنفيذ.

الوزير عبد اللطيف وهبي شدّد على أن هذه الاتفاقيات ترتكز على “اعتبارات إنسانية” بالدرجة الأولى، وتعكس متانة العلاقات المتميزة بين المغرب والعراق. من جهته، اعتبر خالد شواني أن الاتفاقيات الموقعة تحترم المعايير الدولية لحقوق السجناء، مشيدًا بالجهود المشتركة التي أفضت إلى هذا التقدم.

إلى جانب ذلك، اتفق الطرفان على الدفع بعجلة التعاون نحو آفاق أوسع، تشمل قطاعات أخرى، بما يخدم تطلعات الشعبين الشقيقين ويعزز روابطهما التاريخية.

التقارب القضائي بين الرباط وبغداد، لا يُنظر إليه باعتباره إجراءً ظرفيًا فحسب، بل كبداية لمسار تعاون مستدام. فالمغرب، الذي راكم خبرة في مجال الإصلاح القانوني، يسعى إلى تصدير تجربته ودعم شركائه العرب، فيما يجد العراق في هذا الانفتاح فرصة لتطوير تشريعاته على أسس حديثة تراعي حقوق الإنسان ومتطلبات العدالة.

بهذه الخطوة، يضع البلدان لبنة جديدة في بناء شراكة قضائية متينة، قوامها البعد الإنساني والاحترام المتبادل، بما يعكس الإرادة المشتركة في جعل التعاون وسيلة لترسيخ الثقة وتوسيع مجالات الشراكة المستقبلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى